حفلت الأسابيع القليلة الماضية بمجموعة أخبار مؤلمة تتعلّق بفئة هي الأقل حظاً من الاهتمام والرعاية والدعم وحفظ الحقوق والكرامة وهم المعاقون وأصبح هم البعض لدينا هو الدخول في نقاشات لفظية هل نطلق عليهم مسمّى المعاقين أو المعوّقين أو ذوي الإعاقة أو ذوي الاحتياجات الخاصة وشغلونا بهذا النقاش عن القضية الأهم فهم حرصوا على ألا تطلق عليهم مسميات تجرح إحساسهم في الوقت الذي كانت فيه الممارسات تنتهك حقوقهم وكرامتهم، ومعظم الأخبار كان بطلها المشترك مراكز التأهيل الشامل ففي الطائف سُرِّبت صور لأحد العاملين وهويقوم بتنظيف أحد النزلاء عارياً في إحدى الصالات أمام زملائه، ووالد طفل معاق يشكو من اختصاصيتين بمركز الإناث تعاملتا مع ابنه بقسوة وسحبتاه في الممرات بقوة لنقله إلى مركز الذكور وفي عفيف عرض مقطع على اليوتيوب عن تعنيف ممرض لطفل معاق بالمستشفى، ومقطع آخر عن آثار تعنيف معاق في مركز تأهيل تبوك، وقبل أيام هرب أحد المعاقين من مركز تأهيل المدينة وتعرّض للوفاة. هذه الحوادث كلها وقعت في أوقات متقاربة وفي مناطق مختلفة من المملكة، وربما كانت هناك حوادث أكثر لم يتم تسريبها إلى الإعلام وهي مجرد رأس جبل الجليد وتعني أن هناك خللاً كبيراً في مراكز التأهيل الشامل، فهي ليست حادثة فردية في مركز واحد بسبب تصرّف شخصي من أحد العاملين ولا نتيجة سوء إدارة مدير مركز واحد فقط، وكنت أتوقع ردة الفعل من وزارة الشؤون الاجتماعية أن تشكل لجنة على أعلى المستويات وبصلاحيات نافذة وبشكل عاجل وطارئ لمراجعة الأنظمة والوقوف بنفسها على كل المراكز والبحث عن أوجه القصور ومعالجتها إن كانت في الأنظمة واللوائح أو في الكوادر من حيث تأهيلها وكفايتها أو في المتابعة أو في الإدارة، أما الاكتفاء بإصدار العقوبات على مدير مركز وبعض موظفيه فهو يوحي للناس بأن الهدف هو امتصاص استياء الناس أو إرضاء كبار المسؤولين بينما الشق الحاصل في المراكز أكبر من أن تسده رقعة العقوبات الصغيرة، بل إن الشق لا يختص بالوزارة وحدها وإنما بالمجتمع ككل الذي لم يجعل قضايا المعاقين ضمن أولوياته.