تصاعدت خلال الأيام الماضية وتيرة غضب الرأي العام، حيال نشر مقطع فيديو يُظهر تعنيف عاملين لمعاقين بمركز التأهيل الشامل في عفيف، مما دفع بعض القنوات الفضائية ووسائل الإعلام إلى طرح القضية للنقاش أمام الرأي العام، حيث صبت المداخلات باتجاه إلقاء اللوم على وزارة الشؤون الاجتماعية واتهامها بالتقصير وإهمالها لملف تأهيل المعاقين بشكل عام، حيث فتح ذلك الباب على مصراعيه للحديث عن كل الخدمات التي تقدمها الوزارة لذوي الاحتياجات الخاصة بمراكز التأهيل الشامل والإيواء. "الوطن" تابعت كافة مسارات القضية في الأروقة الرسمية والشعبية، والتقت بذوي المعاقين الذين تعرضوا للاعتداء والتعنيف من قبل بعض العاملين في مركز التأهيل الشامل للوقوف على ردة فعلهم حيال ذلك، إلى جانب رصد آراء القانونيين والإداريين حيال القضية. يقول أبو فهد الكرشمي والد المعوق الكفيف "جويعد" الذي تعرض للاعتداء بالضرب من قبل أحد عمال المركز، إنه لم يعلم عن حادثة الاعتداء على ولده إلا عن طريق اتصال من إدارة المركز، ما دفعه إلى الذهاب للمركز في اليومين التاليين ومتابعة القضية التي أودع على خلفيتها العامل المعتدي في السجن. وطلب الكرشمي من إدارة المركز الإذن له باصطحاب ابنه خارج المركز لعدة أيام. ويروي والد جويعد قصة تنقل ابنه بين مراكز التأهيل الشامل في المملكة لأكثر من 20 سنة، ودخوله أول مركز تأهيل شامل في بلجرشي عام 1411 ، الذي يبعد عن مقر إقامة الأسرة نحو 1000 كم، جراء إصابته بإعاقة بكف البصر وتخلف عقلي بسيط، وقد مكث في مركز تأهيل بلجرشي سنتين، وفق نظام قوائم الانتظار، ثم انتقل إلى مركز التأهيل الشامل في القصيم الأقرب مسافة من الأول، وليبقى فيه حتى عام 1432، قبل أن تنقله الوزارة إلى مركز التأهيل الشامل بمحافظة عفيف، وطالب الكرشمي بمحاسبة المتسببين في ذلك، ورد الاعتبار لابنه، وضرورة نقله إلى مركز التأهيل الشامل بالقصيم حيث الإمكانات المتاحة هناك أكثر تطوراً، إلى جانب الرقي في المعاملة. أما والد الطفل المعوق "فارس" خلف بن مرزوق الزراقي الذي ظهر في مقطع الفيديو وهو يتعرض إلى التعنيف، فأوضح أنه يقطن وأسرته في هجرة رهاط في منطقة مكةالمكرمة والتي تبعد عن محافظة عفيف نحو 600 كم، مشيراً إلى أن ابنه يبلغ من العمر 14 عاماً ولديه إعاقة حركية وعقلية، وتم نقله إلى مركز عفيف قبل نحو عام بسبب طول فترة الانتظار في مراكز التأهيل بمنطقة مكةالمكرمة. ويحكي الزراقي الذي تقهقر صوته من شدة الحزن على ابنه أنه لم يعلم بحادثة التعنيف التي مورست ضد ابنه إلا عبر وسائل الإعلام مؤخراً. ويضيف: خلال اليومين الماضيين تلقيت اتصالاً هاتفياً من مركز التأهيل الشامل بعفيف يطلب مني الحضور دون أن يخبرني عن أمر الحادثة لوجود لجنة تريد مقابلتي، واعتذرت عن الحضور في الوقت المحدد لبعد المسافة وكثرة المشاغل. وأشار الزراقي إلى أنه سيبادر خلال اليومين المقبلين إلى زيارة ابنه في المركز والاطمئنان عليه، وكذلك التقدم بشكوى رسمية إلى الجهات المختصة". وطالب الزراقي وزارة الشؤون الاجتماعية بضرورة نقل ابنه إلى أقرب مركز تأهيل بمنطقة مكةالمكرمة، والضرب بيد من حديد كل من تورط في الاعتداء على ابنه أو تعنيفه أو التستر على هذه الجريمة. من جهته، طالب المحامي أحمد الراشد الذي يتولى المرافعة في قضية الطفل المعاق فيصل، بتمكينه من حضور إجراءات التحقيق التي تجريها وزارة الشؤون الاجتماعية والجهات الأخرى حالياً، بموجب المادة الرابعة من نظام الإجراءات الجزائية، وسماع مجريات التحقيق والوقوف عليها عن كثب، والتأكد مما إذا كان التحقيق سليماً أم لا، مستنكراً في الوقت ذاته إجراء الوزارة مؤخراً تحقيقات مع العاملين بالمركز دون إبلاغه وحضوره. وطعن الراشد في التحقيق، وعدّ تلك الإجراءات باطلة من الناحية القانونية، وفق المادة 69 من نظام الإجراءات الجزائية، كما فندّ هذه القضية من ناحيتين الأولى: من الناحية الإدارية، والأخرى من الناحية الجنائية. وتابع: من الناحية الإدارية يعتبر ما تعرض له المعنفون حسب وصفه إهمالاً وتقصيراً في عمل المركز والوزارة، ويجب مساءلة المسؤولين عن ذلك، خاصة إدارة المركز، وقد تكون العقوبة بالإنذار أو الفصل أو كف اليد، أما من الناحية الجنائية فهناك حقان "حق عام وحق خاص"، ويتمثل الحق العام برفع دعوى من قبل المدعي العام على الجهة المسؤولة، وحق خاص ويتمثل برفع دعوى قضائية من قبل ذويه، وهذان الحقان مرتبطان مع بعضهما، ولا يجوز للمدعي العام أن ينفرد بدعواه من دون مشاركة المدعي بالحق الخاص.