تجمع الأسرة الخليجية المال وتدخره شهراً بعد آخر من أجل موعدها مع سياحتها السنوية، تتحدث كثيراً عن وجهاتها المقبلة وما سوف تزوره من المدن والمعالم، فقد أضحت السياحة أحد أهم وجوه الإنفاق في البلاد الغنية وأحد أهم الموارد الاقتصادية للدول التي أحسنت استغلال مقدراتها السياحية. أما المملكة فقد حباها الله بموارد سياحية قل نظيرها إذ تتربع على مساحة من الأرض بحجم قارة يتنوع مناخها بين اللطيف الممطر والدافئ المشمس وتتدرج تضاريسها من السواحل الجميلة إلى الجبال الشامخة والمروج اليانعة، من نقاء الصحراء وزرقة سمائها إلى فخامة المدن وما تزخر به أسواقها ومجمعاتها الفارهة ومن الآثار التي ارتبطت بمهد الإسلام وأمجاد فتوحاته الأولى إلى الأخرى التي ضربت في عمق التاريخ وما زالت تواري حكايات وطلاسم العصور القديمة تنتظر من يستكشف غموضها ويستنطق أحجارها، وكل ذلك في بسطة من الأمن وسعة من الرزق، وسوف يفضل كثير من أهل الخليج قضاء إجازاتهم في ربوع المملكة ما إن يجدوا ما يغريهم بالبقاء، فرب الأسرة الخليجي الذي يعتبر من أكثر السواح إنفاقاً يفضل البيئة المناسبة لما اعتادت عليه أسرته المحافظة ويبحث عن السكن الذي يتسع للأسرة ويمنحها قدراً من الخصوصية، وتسافر الأسر بكامل عددها، لذا تبحث عن الأماكن التي يجد فيها كل فرد من أفراد الأسرة مبتغاه ويلاحظ هنا عدم اكتمال المنظومة السياحية في كثير من المناطق الجاذبة للسياحة فإذا صادفت الجو الجميل لم تجد ملاعب الأطفال المناسبة أو لم تستطع تحمل كلفة السكن الباهظة أو لم تجد ما يسلي به البالغون أوقات فراغهم من مرافق الترفيه التي تحترم عقل وذائقة الجمهور وتقدم قدراً معقولاً من التنوع كالمسارح والمعارض والمهرجانات والأنشطة والفعاليات الرياضية، كما أن تعدد مستويات الخدمات من حيث الكلفة المادية يمكن أن يكون عنصر جذب ذا قيمة، فلكل أسرة ميزانيتها التي تناسب دخلها وادخارها. بقي أن نقر بأن الترويج للسياحة ليس في المستوى المطلوب داخل الوطن فضلاً عنه في دول الجوار التي ما زال أكثر أهلها يجهل ما تتمتع به بعض مناطق المملكة من مرابع سياحية قد تفوق ما اعتاد السفر لأجله آلاف الأميال جمالاً وروعة. أخيراً ثمة كثير من فرص الاستثمار التي لم تستكشف بعد في القطاع السياحي وستحدث إن استثمرت آلاف الوظائف وفرص العمل فمتى سينهض أهل الهمم؟.