إن من أقوى أسباب تدني السياحة الداخلية هو تدني الربحية والتي من شأنها تقليل العائد على الاستثمار بسبب محدودية أيام الإجازات والمواسم السياحية إذ إن رواد السياحة الداخلية هم المواطنون وقليل من دول الخليج... فالمستثمرون يرون عدم التوسع ويحدون من التطوير وعليه يضطرون لرفع أسعار منتجاتهم لتعويض باقي شهور السنة الشاغرة، وبدون أدنى شك سيجد السائح أن أسعار منتجاتهم لا يقابلها منتجات تساوي ما يدفعونه، وعند المقارنة ببعض الدول تجد أسعارها أقل بكثير من الأسعار بالداخل كون غالب الدول لديها مواسم سياحة مستمرة ويستطيعون التخفيض لأسعار لا يمكن للمستثمر المحلي منافستهم . بهذا يتضح أن الأهم أن نرسم إستراتيجية جديدة تكمن بفتح باب السياحة من الخارج وفق ضوابط يفعل فيها دور مكاتب السياحة بحيث تتولى تلك المكاتب التسويق وإصدار تأشيرة السياحة إلكترونيا بأقل من يومين وتقدم ضمانات تضمن للدولة انضباط السائح من دخوله حتى خروجه - ولدينا تجربه ناجحة بما تم ضبطه للمعتمرين- حينها سيزيد الإقبال بشكلٍ كبير جداً كون أن هناك بالعالم من هو مهتم بمعرفة ثقافة الشعب السعودي وحضارته ولأن بعض السياح يرغب بسياحة محافظة وهذا أقوى تميز يمكننا القول إنها من أقوى نقاط القوة التي تتميز بها بلادنا و يبحث عنها الكثير من المسلمين. لذا فإن الأمر الذي يجب أن يأخذ مساحةً كبيرةً في أذهان القائمين على السياحة في المملكة عند رسمهم لإستراتيجيات وملامح السياحة الحديثة أن يأخذوا بالحسبان ما لتلك الخصوصية من مميزاتٍ تجعل سوق السياحة لدينا سوقاً متميزاً بصفاتٍ يرغبها المسلمون في شتى الدول الإسلامية إذ تقصدها الكثير من العوائل المحافظة للاستمتاع المشروع دون التعرض لمظاهر الفساد التي تنتشر في بعض الدول. أما على صعيد المواطنين فمن كان باحثاً منهم عن غير تلك الخصوصية فإن من الصعب إقناعه مهما قدمنا من تنازلات بقضاء سياحته في الداخل نظراً لاستحالة توفير ما توفره الدول الأخرى من تسهيلاتٍ خارج حدود تلك الخصوصية، ولكن الغالبية العظمى من السعوديين تطغى عليهم روح المحافظة والتدين، و يمتعضون من مظاهر الفساد و أماكن المعاصي لذا فإن تلك الشريحة هم الهدف الأساسي وهم الذين يفضلون البقاء بأسرهم بعيداً عن المناظر غير اللائقة شريطة أن تقدم لهم منتجات مغرية وبقيمة تساوي ما يتم دفعه. ولعل تأخرنا بتطوير السياحة الداخلية جعل كثيراً من السياح يرفض السياحة الداخلية لقلة الجودة وقلة التنوع وارتفاع الأسعار مقارنة بالخدمة المقدمة.. وعندما بدأت تتغير منهجية السياحة تقليدا لبعض الدول حتى و لو كانت غير مقبولة لكثير من سياح الداخل هاجرت شريحة كبيرة كانت متمسكة بالسياحة الداخلية رغم قلة جودتها.. ولذا أضعنا الشريحتين. لذا فإن من المهم جداً أن نعيش بواقعيةٍ ونركز على نقاط القوة في سوق السياحة السعودي عبر التركيز على تقديم المنتجات التي تواكب تطلعات المحافظين من الأسر، وفي حال توفر تلك المقومات فلا تسأل عن حجم الإقبال الذي سينهمر كالسيل من جميع بلدان العالم.