إن من أهم الأسباب المؤدية لتقدم وتطور أي بلد من البلدان يرجع بالدرجة الأولى إلى الشعب نفسه ومدى اقتناعه وإدراكه أن طريق التغيير للأفضل والوصول إلى مصاف الدول المتقدمة يبدأ منه أولاً وليس من أحد آخر ولا شك أن التجربة اليابانية المذهلة التي انطلقت إبان نهاية الحرب العالمية الثانية هي من أكبر الأدلة والأمثلة والشواهد الحية على أن مفتاح التقدم وطريق التغيير يكون بيد الشعوب.فالشعب الياباني على سبيل المثال هو وحده من قاد طريق التغيير بجميع فئاته الشعبية وهو أيضاً من شارك في تنفيذ الخطة التنموية التي أقرتها الدولة بدءا من «الكناس» وانتهاءً ب «الوزير» لأن الكل بدون استثناء يسعى ويعمل ويخطط لنفس الهدف الذي رسمته الدولة وهو «وصول الدولة اليابانية إلى القمة» ولذلك تجد أيضاً أن السمة البارزة لدى المسؤولين اليابانيين بجانب مجموعة أخرى من السمات المميزة هي تمتعهم بالجد المتواصل والمثابرة الدؤوبة والنشاط المتجدد من أجل رفعة بلدهم وإيصاله إلى المكانة المرموقة بين دول العالم ولا تجد عندهم أي نوع من التكاسل والتراخي والتقاعس عن العمل.أما نحن، فنعاني من مشكلة تراخي المسؤولين في العمل نتيجة عدم نشوء الفرد منذ الصغر على قيمة «تقديس العمل» حتى أضحت هذه المشكلة من العقبات الرئيسية التي تعمل على الحيلولة دون تطور المملكة وتسهم كذلك في تأخير عجلة التنمية في البلد سنوات طويلة كما أنها تتنافى مع خطط وأهداف الدولة وتتصادم أيضاً مع التوجيهات والتعليمات المتكررة من قبل الملك عبدالله «حفظه الله» في أغلب لقاءاته مع المسؤولين والوزراء بضرورة الجد والاجتهاد في العمل وخدمة مصالح الشعب السعودي وعدم التلكؤ أو التقاعس في تنفيذ القرارات الملكية والإسراع في تنفيذ المشروعات التنموية وإقامتها في أقصر المدد الزمنية حتى لا تتعرض مصالح المواطنين إلى نوع من التعطيل السلبي الناشئ عن التراخي الموجود لدى بعض المسؤولين. ولاشك في أن افتقاد بعض المسؤولين للحس الوطني وعدم استشعارهم لحجم الأمانة الملقاة على عواتقهم إضافةً إلى طريقة التنشئة الاجتماعية السعودية السائدة والتي تفتقد لقيم احترام العمل من أبرز أسباب نشوء مشكلة التراخي والتقاعس عن العمل لدى المسؤولين كما أن غياب العقوبات الرادعة بحق أي مسؤول يتقاعس عن أداء وظيفته بالشكل المطلوب من الأسباب المساهمة في استمرار هذه الظاهرة الخطيرة والتي يجب على الدولة المبادرة الفورية للقضاء عليها خصوصاً أنه لا يوجد عذر منطقي يمنع هؤلاء من القيام بواجبهم على الوجه الأكمل فالميزانيات والاعتمادات المالية الضخمة متوفرة والإجراءات الحكومية ميسرة والإمكانات البشرية موجودة ولذا يجب على الدولة اتخاذ جملة من الإجراءات بحق هؤلاء المسؤولين المتراخين عن أداء الأعمال المناطة بهم ومن تلك الإجراءات المقترحة : إبعاد أي مسؤول يثبت تقاعسه عن أداء واجبه بالشكل المناسب عن منصبه فوراً وإحلال مسؤول آخر جديد بدلاً عنه ومنح المسؤولين «النشطين» في العمل حوافز مادية إضافية وفي المقابل حرمان المسؤولين «الكسالى» من أي زيادة مالية أو علاوة سنوية.كما يجب علينا كشعب من أجل القضاء على مشكلة «تراخي المسؤولين» استخلاص الدروس والعبر من التجربة اليابانية الرائدة ومحاولة تطبيقها بالكامل أو محاكاتها بقدر المستطاع وضرورة غرس قيمة «تقديس العمل» لدى النشء من قبل البيت والمدرسة حتى ينشأ أبناؤنا على ذلك منذ الصغر إلى أن يصبحوا في موقع المسؤولية ومن ثم نستطيع النهوض ببلادنا ووضعه في الموقع اللائق على الخريطة العالمية.