يضج العالم العربي بثورات تطمح إلى جلب الحرية المفقودة للشعوب، وتحاول المكتبات العربية أن تواكب الأحداث عن طريق توعية أطفالنا من خلال تقديم نماذج من شخصيات أثرت في العالم بتجاربها الروحية وهي تخوض كفاحاً مستمراً لنصرة هذه الحرية. و«نيلسون مانديلا في مواجهة التمييز العنصري» الصادر عن دار البلسم كتاب يحكي مؤلفه «ماتيو جروسون» حياة ومعارك الزعيم الجنوب إفريقي في ما يقرب من ستين صفحة، مضمناً إياها بعض الأقوال المأثورة لمانديلا. ويحتوي العمل الذي قام بترجمته محمد فؤاد على رسومات كرتونية تساعد الصغار في فهم المحتوى. وتتخذ الرسومات أشكالاً عدة، منها ما يرتبط بقصص مصورة تحكي جوانب من حياة المناضل الإفريقي، أو صور رمزية تعبر عن لقطات من كفاحه الذي أثمر الحرية لشعبه. وفي مقدمة العمل، يقول المؤلف: عندما خرج نيلسون مانديلا من السجن في ال11 من فبراير عام 1990م كان قد أمضى 27 عاماً من حياته وراء القضبان، دون أن يرى أحد وجهه، تنفيذاً للحكم الذي أصدره النظام العنصري الحاكم آنذاك في جنوب إفريقيا، أملاً في أن ينسى الناس مانديلا. ويضيف: لم يفلح هذا الحكم في تحقيق أهداف العنصريين، لأن مانديلا مع مضي السنين تحول من مناضل سياسي إلى رمز عالمي للنضال من أجل الحرية. وخلال الأعوام التي قضاها في السجن لم يتراجع مانديلا عن أي من أفكاره الداعية لحصول السود على حقوقهم بالتساوي مع البيض في جنوب إفريقيا. فمن ناحية، تسلح مانديلا بكاريزما ساحرة، وعزيمة لا تقهر، ومن ناحية أخرى تحلى بإيمان قوي بأن الحلول الفعالة لن تكون سوى بالحوار، مع الأخذ بالاعتبار مصالح جميع الأطراف المعنية. وبعد كفاح طويل قضاه مانديلا- منذ أن كان يأمل وهو في المدرسة أن يصبح «إنكليزياً أسود»- وصل إلى منصب رئيس الدولة في حكومة جنوب إفريقيا الديمقراطية! وفي عام 1999 تنازل المناضل العجوز عن منصبه إلى خليفته تابو مبيكي. ولكنه استمر بعد التقاعد في تكريس جهوده لمكافحة الأسباب الأخرى للظلم في شتى أرجاء العالم. وقد تم تقسيم العمل إلى خمسة أقسام هي: حياة مانديلا في رسوم مصورة، والتسلسل الزمني لأهم الأحداث والمعارك التي مر بها، فضلاً عن ملف حول جنوب إفريقيا، وتحديات اليوم، وأخيراً أقواله عن الحرية والنضال والعنصرية، والأمل، مثل «إذا سمحنا لنورنا الداخلي بالتوهج، فإننا بذلك نعطي فرصة للآخرين أن يفعلوا مثلنا»، وكذا «لكي تحقق السلام مع العدو يجب أن تعمل مع هذا العدو، ويصبح هذا العدو شريكاً لك»، و»لقد اكتشفت سراً عند تسلق تل؛ كل ما يكتشفه المرء أن كثيرا من التلال الأخرى ماتزال أمامه للتسلق». كما اختتم الكاتب عمله ببعض الأقوال حول مانديلا، جاءت على لسان خمسة أشخاص، منهم الكاتب النيجيري «وول سوينكا»، وهو أول كاتب إفريقي يحصل على جائزة نوبل للآداب عام 1986: «أميل شخصياً للاعتقاد بالصدفة لوجود مثل هذه الشخصية الفريدة التي تتمتع بإنسانية بسيطة تشع نوراً دون تعقيد». أما جوني كليج في كتابه «الإنسانية» فقال عن الزعيم الإفريقي: «عندما خرج مانديلا من السجن، قلنا: ها هو ذا «لحم ودم» الرمز الذي أخفوه عنا طوال 27 سنة». بينما وصفه جاك شيراك بأنه «يمثل بالنسبة للكثيرين منا، وكذلك حول العالم، رمزا للحكمة والتصميم والمستقبل».