لفترة أيام طويلة عرض موقع إيلاف الإلكتروني خبرا مع شريط فيديو عن دفن أحد المعارضين حيا بيد الشبيحة السورية. اللافت للنظر أن هذا الشريط المهرب ينقل من واحد لآخر، وقد وصلني أنا شخصيا من أكثر من مصدر. هنا يجب تحليل الخبر وصحته مع قناعتي الكاملة أن النظام السوري قد دفن الشعب السوري كله منذ أربعين سنة. ولكن هنا يعمل العقل النقدي والعقل النقلي فكيف يجب تلقي الأخبار، ولو من خصومنا الشرسين المجرمين؟ عندي بضع أسئلة وأهمها كيف يتسرب هذا الفيلم من يد المجموعة نفسها التي تمارس هذا الفعل الشنيع؟ والجواب متعدد فقد يكون أنهم يتظاهرون بالدفن لرجل مأجور يؤدي دور الفيلم، وهم قاصدون بذلك ترويع الناس في الانخراط بالثورة والتظاهر والمعارضة فمصير كل معارض دفنه حيا في التراب فيقول يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا؛ حيث إن جرعة الفزع الأعظم مفيدة للناس بأن يكفوا عن دخول هذا المدخل الوعر الصعب؛ فالناس تقتل يوميا في سوريا بطريقة بطيئة جهنمية، ولذا كان من الضروري تهريب العديد من الصور والأفلام المتيسرة من أي كاميرا تصوير أو موبايل فيه قدرة التصوير، فالشبيحة كما نرى يستفيدون أولا من المال من نفس الثوار حين يبيعونهم هذا الشريط كما أنهم يخدمون النظام الدموي بتخويف الناس بالجرعة الأعظم! مع هذا فالعقل النقدي يقول إن مثل هذه الأفلام يجب فهمها كما ذكرنا من زاويتين أن الموت واحد سواء بالشنق أو الخنق أو الدفن، بالرصاصة أو الخنجر فمن يريد التظاهر والاعتراض على نظام دموي شمولي يجب توقع الأسوأ. ومن جهة يجب أن يحرص على عدم الوصول إلى الحالة النفسية التي يريدها النظام فالناس يشلون بالرعب. والنظام السوري حريص جدا على خوض معركة البقاء في كل ناد ومنها الحرب النفسية الإعلامية الإلكترونية. أعرف شخصا حاول أن يكتب بعضا من أفكاره في جرائد تنشر فجاء الشبيحة إلى أخيه فهددوه أن يخبر أخاه أن يكف عن كتابة أي شي. فعلا ترك الفعل أثره وبدأ الرجل يخطط للكتابة في اتجاه مختلف وهو ما يريده النظام السوري بالضبط. ضبط الناس على موسيقى الرعب كما جاء في فيلم الثلاثي: السيئ والمجرم والصالح (Good,Bad,Ugly). نحن هنا أمام حرب نفسية إعلامية إلكترونية منظمة يخوضها جيش مدرب يصرف النظام كل إمكاناته في الانتصار فيها في معركة البقاء، من تسخير الحناجر والأبواق والمخابرات والخناجر والمواقع الإلكترونية بل والوكالات الصهيونية مثل الآيباك المدربة. هذه المرة في خدمة نظام الشبيحة، عفوا.. والنبيحة.