تقول الحكايات وملاحم البطولة إنّ استعباد النّاس وسرقة أحلامهم من موجبات زوال المتسلّطين، وتمكين المستضعفين، هذه سُنّة إلهية، قال تعالى: وتلكَ الأيامُ نُداوِلُها بينَ النّاس (آل عمران: 140). لسنا في هذه البلاد المباركة بدعاً من البشر، فقد شملنا هذا النّاموس، فمُترفو اليوم كانوا فقراء الأمس، والمتسلطنون كانوا هم المستضعفون، ولولا أن هجرت طائفة من النّاس بيئاتهم منتحين صوب نور العلم والمعرفة، لكان مجتمعنا لا يزال يتسربل في جهله. إنّ مِن هؤلاء مَن جاءته الدنيا على حين غرّة، فأذهلته المفاجأة، وذهبت بضميره الصدمة، وبدلاً من أن يشكر خالقه على ما اختصّه به من نعماء، سعى في الأرض كقرصان في البحر، أو كقاطع طريق في البرّ، همّه أن يملأ جيوبه بالذهب، فتراه يسعد إن ارتعدت الفرائص لمرآه، ويحزن إن لم يتمسّح الحاضرون بجنابه. كان هذا مشهداً مريعاً لبعض من أُسنِد إليهم أمر تصريف شؤون النّاس، يتكرّر أمام نواظرنا ليلاً ونهاراً، إلى أن قيّض الله لنا، رجلاً فاق كل التوقّعات، وأذهل الجميع بحنكته، وصبره، وحنّو قلبه على كلّ فرد من شعبه، فقد آلى على نفسه منذ أول يوم في بيعته، أن يعيد إلى كل ذي حقّ حقَّه، لا فرق عنده بين أمير وفقير، ولا بين وزير وموظف صغير، فبدأ بشلّ أيدي المفسدين، وقطع دابر الظَّلَمَة والمتجبّرين، وشرع يطلق المتواليات من المبادرات الإصلاحية، شملت القاصي والداني من أبناء هذا الشعب الكريم، فرسم البسمة، وزرع المحبّة، ومكّن المرأة التي قال عنها: «المرأة هي أمّي وأختي وزوجتي وابنتي». فيا سيدي! إن كانت مجلة فوريس الأميركية صنّفتك سادسَ أقوى الشخصيات تأثيراً في العالم، فشعبك يُصنّفك كأحب حاكم في هذا العالم. ولو لم تكن ملكنا لتمنّينا أن نكون من رعاياك.