.. لم يكن سيد الخلق عليه أفضل الصلاة وأكمل التسليم.. يمثّل أعظم شخصيات التاريخ لدى المسلمين فقط.. فهو كذلك وفوق ذلك.. لكن جموعا كثيرة من كبار المفكرين.. والأدباء.. والكتاب.. والعباقرة.. من ديانات مختلفة.. كتبوا عن النبي (محمد) ربما بأكثر مما كتب عنه في المكتبة الإسلامية.. نستعرض هنا بشكل يومي أهم وأبرز ما كُتِب عن شخصية الرسول العظيم.. عبْر عرض موجز لهذه الكتب.. ونقدم اليوم المفكر القبطي نظمي لوقا في كتابه (محمد الرسالة والرسول). المفكر والأديب نظمي لوقا نالت كتبه شهرة واسعة، حيث قدّم للمكتبة كتابه الشهير “محمد الرسالة والرسول”، ثم كتاب “محمد في حياته الخاصة” إلى جانب الموسوعة الإسلامية. فتناول سيرة الرسول بطريقة تحليلية وعميقة غاية العمق.. ووقف يتأمل كل موقف وكل حادثة في حياة الرسول، ويناقشها مقارنة بما يجري في دنيا الناس. ويشير المؤلف إلى بشرية الرسول، وأنه لا يفرق عنهم إلا في أمر الوحي السماوي، وليس بمقدوره أن يأتي بالمعجزات والخوارق التي يطلبونها إلا بأمر الله، فيقول: “إن رسول الإسلام هو أول رسول بُعِث إلى الناس وانبرى لدعوتهم إلى دينه من غير مدد من المعجزات الخاطفة للأبصار الخالبة للألباب. فقد أُرِيد للناس أن يشعروا بأن رسولهم “مثلهم” حقا وصدقا، لا يملك من الخوارق أكثر مما يملكون. وليس له من سلطان عليهم، وإنما الأمر إليهم كي يكون اهتداؤهم نابعا من قدراتهم البشرية، وعن اقتناعهم الذاتي، بغير تأثير غريب عن معدن العقل والضمير.. فيكون اهتداؤهم إيمانا ليست فيه شائبة استهواء أو توريط”. تجربة الوحي وتحدث عن تجربة نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم وما كان من هذا الرسول البشر إزاء هذا الحدث الجلل: “إن هذا الرسول، حينما وقعت له تجربة الوحي أول مرة، وهو يتحنّث في غار حراء، صائما قائما، يقلّب طرفه بين الأرض والسماء.. لم يأخذ هذه التجربة مأخذ اليقين، ولم يخرج إلى زوجه خروج الواثق بها، المتلهّف على شرفها. بلْ ارتعدت فرائصه من الروْع، وقد ثقلت على وجدانه تلك التجربة الفذّة الخارقة.. ودخل على زوجه، وكأنّ به رجفة الحُمّى”. مفهوم النبوة ويشير المؤلف إلى مفهوم النبوة في الإسلام؛ فالنبيّ بَشَر، ولا يعدو ذلك أبدا، إلا بما يوحيه الله إليه، فلا تأليه على الإطلاق، يقول: “لا تأليه ولا شبهة تأليه في معنى النبوة الإسلامية.. فالعبد عبد، والربّ ربّ، وقد درجت شعوب الأرض على تأليه الملوك والأبطال والأجداد، فكان الرسل أيضا معرضين لمثل ذلك الربط بينهم وبين الألوهية بسبب من الأسباب؛ فما أقرب الناس لو تُرِكوا لأنفسهم أن يعتقدوا في الرسول أو النبيّ أنه ليس بشرا كسائر البشر، وأن له صفة من صفات الألوهية على نحو من الأنحاء. ولذا نجد توكيد هذا التنبيه متواترا مكررا في آيات القرآن”. كما تطرق المؤلف إلى زواج الرسول، ومعاملته لأزواجه وأهل بيته، وعن أوصافه وكمالاته الفاضلة الرفيعة التي تتمثل في شجاعته وزهده وكرمه ورحمته وسماحته وعدله وبره وصدقه.