يقرؤها: عبدالمحسن يوسف يرسمها: معتصم هارون حين تُذكَرُ «السلطنة»، تشع في البال صورته كنجمة ناضجة مبللة بالقصائد .. حين نهمس «مسقط»، يحضر في الذاكرة كوردةٍ تعبق شعراً.. حين نتذكر «الربع الخالي»، يخطر في براري الروح مثل وَعْلٍ كلما دعَكَ الرملَ استحال سجادةً أنيقة.. حين نقول اسمه، يكف «الربع الخالي» عن أن يكون خالياً! ويتبرج زاخراً بالحياة ومرح الكائنات.. حين نقرأ نصوصه، تدركنا جمرةُ اللغة الحصيفة، وتطرق أبوابنا شموس الوعي الخلاق.. وحين أفتح ذاكرتي، أبصره جالساً في مرآتها بكامل هدوئه ووداعته وتواضعه وكرمه الذي يفيض.. أتذكر صورته قبل خمسة وعشرين عاماً حين استضافني والصديقين محمد القشعمي وعبده خال في منزله العامر في مسقط.. كان استقباله لنا دافئاً، وما أثار دهشتنا معرفته الجيدة بنا وبما نكتب، مع أننا كنا في بداياتنا الأولى.. فضلاً عن أنه كان متابعاً للحركة الأدبية في بلادنا، وكان يسألنا عن الكثير من الأسماء المشتغلة بالشأن الإبداعي.. إنه الشاعر العماني المبدع سيف الرحبي.. الذي كرمه معهد العالم العربي في باريس الشهر الماضي، لما قدمه من إبدلع وحب لهذا العالم... هذا الذي دأب على تشييد نصه بمنأى عن طبول الأسلاف وإيقاعاتهم العالية.. من العراء السحيق يبتكر نصه الشعري فيستحيل بيتاً ومأوى.. ومن الخلاء الصريح يؤسس نشيده المختلف.. لا يتكئ على إرثٍ، ولا يستعير حنجرةً من أحد.. إقامته في باريس ذات مرحلةٍ هيأت له أفقاً عامراً بالجمال، وفتحت عينيه على الأدب الرفيع والفنون المترفة.. في مجلة «نزوى» فتح الأبواب للغيوم الطليقة المثمرة، وللنص الجديد أقام عرساً يليق بكل حبرٍ لا يسير في غبار المكرّس والمستنسخ..