أصبحت وللأسف لغة الإحباط والتشكيك، لغة معتادة لدى البعض، عند الإعلان عن أي مشروع وطني، له بعد استراتيجي، وتأخذ هذه اللغة طرقاً متعددة، تارة بعدم جدوى المشروع، وتارة بأن المشروع فقط للاستهلاك الإعلامي، وتارة أخرى بدعوى أن الفساد لن يبقي منه شيئاً نافعاً! وقد حدث ذلك في السابق مع بداية تأسيس شركة سابك، التي أضحت فخر الصناعة السعودية، وبداية عهد جديد لقطاع البتر وكيماويات، التي أصبحنا بفضل الله وبفضلها من أهم المنتجين العالميين، في هذا القطاع، الذي نمتلك فيه ميزة نسبية، فماذا كنا سنخسر لو استطاع المحبطون أن يوقفوا هذا المشروع؟! وقد تكرر هذا الأمر مع الإعلان عن تأسيس مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، التي يجري العمل فيها على قدم وساق، بل إن بعض المصانع فيها بدأت العمل، وأيضاً مع جامعة الملك عبدالله، التي تعتبر نقلة حقيقة للتعليم العالي في السعودية، ومع جامعة نورة، ومع برامج الابتعاث التي ابتعث من خلالها من الأعداد، مايقارب أحجام سكان بعض الدول، ليتعلموا في أرقى جامعات العالم، وليتعرفوا على تجارب حضارية متنوعة، ينقلوا منها كل ماهو إيجابي، ويسهموا في انفتاحنا على العالم، الذي ظللنا عقوداً نتوجس منه دون سبب مقنع! وتكررت لغة الإحباط والتشكيك مع مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، التي تمثل رؤية استراتيجية متقدمة، لاتحصر مفهوم الطاقة بالزيت الناضب، وإنما الاستفادة من جميع المصادر الأخرى، الطبيعية والتقنية، وبفضل الله، جميع هذه المشروعات، إما أنها أصبحت حقيقة على أرض الواقع، أو هي في طريقها لذلك. نعم قد يكون هناك فساد في بعض المواقع، أو سوء إدارة في بعض القطاعات، لكن هذا ليس أمراً خاصاً بنا، وهو أمر على مرارته يمكن التغلب عليه، من خلال تشريعات قوية، بدأ بعضها في الظهور، ومن خلال إعادة النظر في منظومتنا القيمية، التي أنتجت لنا هذه الظاهرة بهذا الحجم! ورغم ذلك، يجب أن لا نسمح لأحد أن يختطف منّا الفرح والفخر، من خلال هذه اللغة، التي تكاد تجعلنا نستسيغ البكاء الجماعي! ألا يحق لنا أن نفرح ونفخر بوطن، هو التجربة الوحدوية الناجحة في المنطقة العربية، التي استطاعت، من خلال حنكة وإخلاص قادتها، أن تبقى، وتتطور، في منطقة هي الأكثر اضطراباً في العالم، على مدى عقود، إن لم يكن قرونا مضت. ألا يحق لنا أن نفرح ونفخر، بوطن استطاع حجز مكانه اللائق به بين قوى العالم المتصارعة، من خلال دخوله في نادي العشرين، الذي يمثل القوى الاقتصادية الكبرى في العالم، وهل نجهل أن اعتراف العالم بنا كقوة اقتصادية، هو وجه آخر للاعتراف بالنفوذ السياسي المؤثر لنا على مسرح الأحداث الإقليمية والدولية؟ ألا يحق لنا أن نتأمل، ونقف بصدق مع أنفسنا لنتذكر، ماذا كان هناك قبل عقود قليلة مضت؟ هل أجافي الحقيقة إذا قلت: لاشيء!.. قبائل متناحرة، مدارس بأعداد لاتتجاوز أصابع اليد الواحدة، أمراض تنهش الأجساد، ولا أمل في دواء! وماذا أصبح بعد ذلك؟ هنا يكفي أن أقول لك: هنا المملكة العربية السعودية، بعقيدتها الإسلامية، وبحضارتها التي تعاقبت على أرضها قرونا خلت، وبأمّة حجزت مكانها تحت الشمس، ولوكره المحبطون.