من هنا من أرض الرسالة والنور، ومهبط الوحي، كانت بداية الانطلاقة لحضارتنا التي غيرت مجرى التاريخ، وأثرت في الفكر الإنساني، وعملت بالبحث العلمي التطبيقي، واستمرت قرونا قبل أن تتوقف وتشع على امتدادها العلوم والابتكارات، لكن من بعيد. وأصبحت هذه الأمة على أثر ذلك التوقف مستهلكة، وتستورد احتياجاتها البسيطة من الخارج، وأسيرة للتمدن المادي المجرد. إن الأجيال التي بنت وشيّدت، ذكرت بحضارتها إلى يومنا هذا، فكانت تقدم الازدهار النفسي، والرقي الفكري والإنساني، فنحن أكثر مادية وتمدنا من علمائنا السابقين الذين كان لهم دور عظيم في خدمة الحضارة الإنسانية في مجالات كثيرة، ولكننا لسنا في مستواهم الفكري. الأجمل أن تتوافق الحضارة والمدنية كقيمة ثقافية لهذه الأمة. ويحق لنا الفخر بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية التي ستعيد دورنا العظيم بإذن الله في خدمة الإنسانية، فقد ذكر الملك عبدالله في كلمته للعالم رابع أيام العيد المبارك لهذا العام 1430ه، في مستهل افتتاح الجامعة، أن فكرتها كانت حلماً راوده أكثر من 25عاماً، وهاجساً عاش معه طويلاً حتى أصبح واقعاً على تراب أرضنا، وربطها الملك عبدالله بالحضارة الإسلامية التي خدمت البشرية، والقوة بالعلم، وجعلها داراً للحكمة. وقد أتت كلمته هذه لتؤكد ما يختص به الرجال المؤثرين في التاريخ.