أظهرت نتائج الانتخابات التشريعية في الجزائر حصول حزب جبهة التحرير الوطني، حزب الرئيس، على المركز الأول بواقع 220 مقعدا من أصل 462 مجموع مقاعد البرلمان، تلاه حزب التجمع الوطني الديمقراطي، حزب الوزير الأول، ب 68 مقعدا، فيما لم يحصل تكتل الجزائر الخضراء، الذي يضم الإسلاميين، سوى على 48 مقعدا فقط. وظلت نسبة المشاركة الهاجس الأكبر لدى المسؤولين إلى أن استقرت في حدود 43 %، وهي نسبة اعتبرها بعض المعلقين مبالغا فيها، في حين قدَّر حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية نسبة المشاركة بأقل من 18 %. من جهته، قال المتحدث الإعلامي للتجمع الوطني الديمقراطي، ميلود شرفي، إن حزبه تقدم في بعض الولايات ثم فوجئ بالفوز الكاسح لشريكه في التحالف الرئاسي جبهة التحرير الوطني في أغلب ولايات القطر، وبخصوص عدد المقاعد التي حصل عليها التجمع رفض شرفي تقديم رقم نهائي. بدوره، اعتبر الناطق باسم حزب جبهة التحرير الوطني أن فوز حزبه كان مستحقاً، وقال «راهنا منذ اللحظات الأولى في هذه الانتخابات على احتلال الريادة لما يتمتع به حزبنا من مكانة ومصداقية بين الناخبين الجزائريين»، وفي تعليقه على اتهام بعض الأحزاب السياسية أن السلطات زورت لصالح الحزب الواحد سابقا، شبَّه عيسى قاسم «هؤلاء كالذئب الذي لم يتمكن من التقاط حبة عنب فقال إنها حامضة». وفي تحليله لنتائج حزبه الأولية قال قاسم «أكدنا أن الجزائر ستكون استثناء وأن ربيع الجزائر هو في صناديق الاقتراع وليس في الثورات أو الانتفاضات أو الفوضى» مستشعرا في ذات الوقت المسؤولية الملقاة من جديد على كاهل الحزب الذي تنخره مشكلات داخلية. في المقابل، رفض زعماء التكتل الإسلامي «الجزائر الخضراء» الإدلاء بأي تصريحٍ قبل معرفة النتائج النهائية للانتخابات، ولكن بعد إعلانها قال أحد قادة التكتل فاتح ربيعي «لدينا معلومات حول نتيجة قوائم التكتل الأخضر سنكشف عنها بعد إعلان الجهات الرسمية للنتائج، وفي نفس الوقت لدينا تقارير عن عملية تزوير منظمة لصالح حزب معين وآخر تدعمه الإدارة» في إشارة إلى حزبي جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي. وذكر ربيعي أن هيئة أركان التكتل الأخضر، الذي يضم ثلاث حركات إسلامية هي مجتمع السلم والنهضة والإصلاح، دخلت في اجتماعات مفتوحة لبلورة موقف موحد من الانتخابات ونتائجها، وكانت المؤشرات الأولية أظهرت تقدم التكتل الإسلامي في العاصمة بفارق كبير عن الأحزاب الأخرى في حين احتل المرتبة الثانية في بعض الولايات والثالثة والرابعة في أخرى. فيما تمكن حزب جبهة القوى الاشتراكية من فرض سيطرته في معاقله التقليدية في منطقة القبائل وحصد أغلبية مقاعد المنطقة أمام منافسة شرسة بينه وبين جبهة التحرير الوطني الذي زاحمه على بعض المقاعد. غير أن المفاجأة الأكبر في هذا الاستحقاق هي النتيجة الهزيلة التي حققها حزب جبهة العدالة والتنمية وهي معاكسة تماما لحسابات وطموح زعيمه الشيخ عبدالله جاب الله، وتظهر النتائج تدني نسب التصويت للحزب في العديد من الولايات الداخلية، بعدما كان رئيس الحزب يتوقع الحصول على الأغلبية وتشكيل حكومته، ورفض مسؤولون في الحزب الإدلاء بأي تصريحاتٍ للصحافة. من جانبها، سجلت اللجنة السياسية المستقلة لمراقبة الانتخابات البرلمانية سلسلة من التجاوزات في الانتخابات، وقال رئيسها محمد صديقي إن «لجنتنا تعمل على إعداد تقرير أسود عن التجاوزات التي حصلت خلال سير عملية الانتخابات»، وأوضح أن الاقتراع شهد ملء الظروف بأوراق تصويت خاصة لحساب أحزاب معروفة، وكذلك تحرير وكالات للتصويت بالجملة لصالح قوائم معينة، وعدم توفير أوراق الانتخاب إلى جانب عدم تمكن مواطنين من أداء واجبهم الانتخابي نظرا لعدم وجود أسمائهم في سجل الانتخابات، فضلا عن عدم توفر أوراق التصويت الخاصة بالأحزاب السياسية، مضيفا أن لجنة مراقبة الانتخابات بإخطار اللجنة القضائية بهذه الخروقات. يأتي ذلك فيما أعلن رئيس بعثة ملاحظي الاتحاد الأوروبي المكلفة بمتابعة الانتخابات التشريعية في الجزائر، خوسي أغنا سيو سالا فرانكا، مساء أمس الأول أن الانتخابات التشريعية «جرت في ظروف حسنة على العموم باستثناء بعض الأحداث المحدودة»، حسب تعبيره. وبددت نتائج الانتخابات احتمال انتقال ربيع الإسلاميين إلى الجزائر على غرار ما حصل في تونس ومصر والمغرب، وسط إصرار من جانب الدولة على ترسيخ فكرة ان ربيع الجزائر سيأتي من خلال الصندوق.