في عام 2002 أنهى محمد الشموتي دراسته الثانوية، في الرياض (حيث كان يقيم) بمدرسة «عليشة الأولى» لتحفيظ القرآن الكريم، ليعود بعدها إلى وطنه مصر ويلتحق بالجامعة.وجد الشموتي العبث في تضييع أربع سنوات من أجل رؤية اسمه مكتوباً على شهادة تزين حائطاً، فقرر الاستفادة من الجامعة على نحو مختلف؛ أمضى عامين بكلية اللغات والترجمة قسم الأدب الإنجليزي لتحسين لغته الإنجليزية، وتركها ليبدأ الدراسة في كلية اللغة العربية بالأزهر، ليستزيد من علوم العربية، وحين تم له ما أراد، غادر الجامعة ليدشن مشروعه الذي اعتمد في البداية على فكرة تسجيل بودكاست ثقافي (ممارسة التدوين الصوتي) لتتطور الفكرة وتصبح مشروعاً معنياً بتسجيل الكتاب العربي المسموع خاصة بعد توقف المجمع الثقافي بأبو ظبي -عام 2006 تقريباً – عن انتاج مثل هذا النوع من الكتب فحمل على عاتقه هذه المهمة والتي اقترح لها أحد أصدقائه اسم «صبا الصوت». صعوبات المشروع تمثلت في توفير نفقات تعلم البرمجة وإنشاء موقع بتكلفة بسيطة، فضلاً عن التسجيل في استديو يتم تأجيره في الساعة ب 200 جنيه. وبمساهمات الذين آمنوا بفكرته – أصحابه – قرر الشموتي تخصيص حجرة داخل منزله لبناء استديو، واقترض لشراء وحدات مونتاج وأجهزة تسجيل احترافية، وجهاز كمبيوتر متطور (بالقسط)، إضافة إلى الكماليات، ليتمكن في النهاية من أن يكون صاحب استديو متواضع المساحة، تنافس مخرجاته الاستديوهات الضخمة في الجودة والنقاء. «صبا الصوت» يقوم عليه الآن فريقٌ من الشباب نذروا أنفسهم لتلبيةِ احتياجات مُجتمع المعرفة، ورقمنةِ المحتوى العربي في عدةِ قوالب، تم اختيار الصوتي منها ليكونَ المجال الرئيسي، إيمانا منهم بأن جيلهم قادر على أن يصنعَ واقعه وظروفه داخل سياق خارجي لا علاقةَ له بكل ما نمرُّ به من ظروف، وبهدف سدِّ النقص المعرفي في الثقافة العربية، وانتشار المواد المسموعة في الأدب، والعلوم، وغيرها ، مما يدعم نهضةِ عقل عربي من كبوة حضارية جعلته يدمن عدم القراءة، والجهلَ بالمعرفةِ الحقيقية. الشموتي وأصدقاؤه يتحدثون عن فرضِ الانتشار، وتأديبِ الجهل وتلقينه درساً(!).. والإمساك بزمام آليات انتشار المعرفة الواعية من خلال إعلام جديد يعتمد على الأنترنت والرقمية الحديثة. وفي بيته راجوا يقربون بين الكلمة المكتوبة، وشقيقتها المسموعة، الورقة والشاشة، ويؤكدون على أنَّ المستقبل الآتي للرقميةِ، مع الاعتراف بالكتاب المطبوع، كعمل فني لا ينال من استقلاليته تحويله إلى صيغة مسموعة. ويحرضون على مُسايرة طُرقِ تلقي حديثة، تضمنُ للعربيةِ انتشاراً، وتوسعاً، نفتقرُ إليه في عالم رقمي يُتيحُ لذاكرةٍ بحجم 265 ميجابايت أن تحمل القرآن الكريم بصوتِ أكثر من قارئ، ما جعلهم يتساءلون: لماذا إذن لا تحملُ هذه الذاكرة الرقمية -أيضاً – مكتبةً كاملةً تحتوي على أمهات الكتب العربية مسموعةً مما يضمنُ الاستفادة منها في السيارة، وفي النادي، وفي رحلة الطائرة، وفي أوقات المشي، ومما يُتيحُ لكلِّ من لا يجدُ وقتاً ليقرأ، أن يسمع! آخر سطر: الخلاف في الود.. يفسد للرأي قضية!