تباينت آراء المحللين والمختصين حول علاوة الإصدار، سواء من ناحية تقييمها أومن يستحقها، بعد عودة الانتعاش إلى سوق الأسهم السعودي مجدداً. واستنكروا ذهاب العلاوة إلى جيوب الملاك، منتقدين ما وصفوه بتساهل هيئة السوق المالية في تطبيق النظام. ملاّك الشركات والعلاوة انتقد الاقتصادي محمد العنقري حصول ملاّك الشركة على قيمة علاوة الإصدار، وقال إن طرح الشركات للاكتتاب بعلاوة إصدار يعد محل جدل في الأوساط الاقتصادية، والسبب هو أن هذه العلاوة تذهب لجيب الملاّك البائعين لحصتهم، والتي لا تعود على الشركة ولا على المساهمين الجدد المكتتبين بأي فائدة. وقال إنها تُبقي حصة كبيرة من الشركة بيد الملاك، وبالتالي يستمر تأثيرهم في الإدارة والقرارات دون أي دور للمساهمين، مضيفاً: عندما يضع الملاك علاوة الإصدار في «جيوبهم» على اعتبار أنها حق لهم لأنهم يبيعون نجاحهم بالشركة، فإن ذلك يعد إشكالية، لأن سوقنا ناشئ واقتصادنا كذلك، ولابد أن يكون السوق المالي لتمويل مشروعات الشركات، فنحن بحاجة لكل مدخرات الناس لكي تلعب دوراً بتوسيع نشاطات الشركات، وتوسيع الطاقة الاستيعابية للاقتصاد، وتوفير فرص عمل، وزيادة الناتج الوطني من قبل القطاع الخاص. وأشار إلى ضرورة أن يلعب السوق المالي هذا الدور المتكامل بين تطوير الشركات، وفتح الفرص الاستثمارية للمواطنين لتوظيف مدخراتهم بنفع عام وخاص، معتبراً أن الطريقة الحالية لا تقدّم نفعاً متكاملاً للاقتصاد الكلي والجزئي، ومن المهم التركيز على أن يكون الطرح برفع رأس مال الشركات في السوق، وذهاب الأموال للمشروعات المستقبلية. ورأى العنقري أنه لابد من أخذ معيار حاجة الشركات للتمويل بشكل أساس وليس تمويل جيوب الملاك، فإذا كان الهدف هو الحفاظ على الشركات العائلية، فالسوق المالي ليس هو الحل الوحيد بل هناك طرق أخرى تتركز في تطبيق الحوكمة وفتح سوق آخر لتداول الشركات المقفلة والعائلية. طريقة غير عادلة وأبان أن المسؤول عن تقدير هذه العلاوة هو المستشار المالي ومدير الاكتتاب لأنه هو من يقوم بتقييم الشركة ويقدّر سعرها العادل للطرح، ويعتمد على معايير عامة من قبل هيئة السوق ترتكز بشكل كبير على مكرر الربح، الذي غالباً ما يكون قرب عشر مرات، مفيداً أنها طريقة لا تحمل عدالة بالتقييم لأنها تعتمد على عامل متغيّر وتاريخي، أي ليس مستقبلياً، وهو ما يعتبر عامل مخاطرة بالتقدير، مشيراً إلى أنه يجب أن يكون للقيمة الدفترية دور أكبر، ذلك أنها عامل بطيء التغيُّر إجمالاً، ويشكّل عامل حماية للسعر التقديري مع دمجه بعوامل مكرر الربح. تضخيم علاوة الإصدار أما محلل الأسهم محمد المطيري، فقال إن هناك تضخيماً أكثر من اللازم في تقييم علاوة الإصدار، وأن الشركات المطروحة الآن طرحت بعلاوة إصدار مضخمة أكثر من اللازم، في محاولة منهم لإعطاء فكرة غير صحيحة عن الشركة. وبيّن أن معظم الشركات التي نزلت بعلاوة إصدارعالية انخفضت أرباحها، وطالب بضرورة أن يكون هناك معيار لتقييم علاوة الإصدار و تتحقق منه هيئة سوق المال، كما يجب على الهيئة أن تتخذ التقييم العادل الصحيح. واعتبر أن المعايير الحالية ليست شفافة، فالشركات التي تمّ توقيفها لماذا مُنحت ترخيصًا من الأساس؟ مطالباً أن تكون قيمة العلاوة للشركة وليس للملاك، بحيث تستفيد منها الشركة، أما أن تذهب للملاك فهذا هو الغبن بعينه. منافسة بين الشركات محمد العمران من جهته، رأى عضو جمعية الاقتصاد السعودية محمد العمران، أن علاوة الإصدار يتمّ تقييمها حالياً بتدخل من هيئة السوق المالية، وتضع الهيئة في اعتبارها دائماً أن يكون التقييم على أساس مكرر حوالي عشرة مضاعفات، مشيراً إلى أن هذا التقييم أقل بكثير من تقييم السوق، الذي يبلغ مكرره تقريباً 15 ضعفاً بناءً على نتائج الربع الأول. لافتاً إلى أن الأخذ بمكرر الربحية يجعل التقييم أقل من التقييم العادل، وهذا يضمن نجاح الاكتتاب، ويبقى القرار للشركة التي ترغب بطرح أسهمها في السوق، إما أن تقبل بسعر أقل من سعر السوق، وإما أن ترفض طرح أسهمها. ولفت إلى أن تحدد الهيئة عشرة مضاعفات، ومن ثم تأتي المؤسسات الاستثمارية لترى النطاق الذي ستتم المزايدة عليه، فإذا كان مغريا ستتم المزايدة على الحد الأعلى، لذا تظهر وكأن هناك مبالغة في علاوة الإصدار، ولكن الحقيقة هي منافسة بين الشركات الاستثمارية الداخلة في عملية الاكتتاب. اكتتابات فشلت وأوضح العمران أنه يُفترض ألا تتدخل الهيئة إطلاقاً في آلية التسعير، بل تترك ذلك للمؤسسات والشركات، مشدِّداً على أنه يجب أن ترفع الهيئة يدها عن تقييم علاوة الإصدار، وعن دعم متعهد التغطية، وأبان أن هناك عدة اكتتابات فشلت. وكان من المفترض أن يدفع متعهد التغطية من جيبه الخاص، ولكن بصورة أو بأخرى تساهلت الهيئة في تطبيق النظام، موضحاً أنه من الطبيعي عندما يرى متعهدو التغطية تساهل الهيئة ومساعدتها لهم، فإنهم يتلاعبون بالأسعار، ويجب في حال فشل أحد الاكتتابات أن يدفع متعهد التغطية القيمة كاملة. المطلق : الفوضى انتهت .. ولا مبالغة في تقييم علاوة الإصدار نفى عضو لجنة الشؤون المالية في مجلس الشورى الدكتور محمد المطلق، وجود أي مبالغة في تقييم علاوة الإصدار، وقال إن هناك خلطاً بين الماضي والحاضر. فعندما بدأت موجة طرح الشركات المساهمة كانت هناك نقاط ضعف واختراقات، أما في السنوات الثلاث الأخيرة فالعملية أصبحت مضبوطة بنسبة 100 % وانتهت كل معالم الفوضى التي كانت سائدة في الماضي، ولا يوجد أي تضخيم في علاوة الإصدار الآن. وقال إن هناك نظاماً يحكم علاوة الإصدار وهو نظام اقتصادي بحت ليس له علاقة بأية قرارات. موضحاً أن علاوة الإصدار معادلة حسابية معروفة تؤخذ بها القيمة العادلة لسهم الشركة التي تُطرح للاكتتاب، وتعتمد على قوة الشركة، وعلى تاريخها، ومستقبلها. وأضاف المطلق أنه من أجل إغراء الشركات القوية التي لديها وضع مالي واقتصادي سليم بالدخول في السوق، يجب أن تحصل تلك الشركات على القيمة العادلة لأسهمها، مشيراً إلى أن دخولها سيفتح قنوات استثمارية كبيرة للمواطنين.