1 – الأربعون لم تصدق أنها بلغت الأربعين؛ لأنها دائما كانت تهرب من سؤال العمر، وتتعمد ألا تنزع ورق النتيجة، وكفت عن البحلقة أمام المرآة حتى لا تقع عيناها على الغزو الأبيض المنتظم لخصلات شعرها.. لم تنتبه للأربعين إلا حينما تقدم لها أرمل يناهز الخمسين، ويعلن عن حاجته لونس آخر العمر. 2 – حديث الموت حين تتحدث عن الموت شيء، وأن تراه يقترب منك شىء آخر، حدث هذا حينما خرجت مسرعة من البيت للحاق بعملها حتى لا تتعرض لمذبحة خصم المرتب اليومية، جدت فى السير على الإسفلت الساخن، وبينما هى تمني نفسها بمقابلة حبيبها الذى لم تره منذ أكثر من شهر، لم تنتبه للسيارة المسرعة التى أهدت لها حديث الموت مجاناً. 3 – قهوة الصباح تعشق قهوة الصباح المُرة، تشم رائحتها بقوة، يلفح وجهها البخار المتصاعد وتتذكر أنه هو من علمها كيف تصنع القهوة المرة وترتشفها فى لذة، ثم تركها تدور وحيدة مع دواماتها البنية، غرقت ولم تنتبه لرحيله المبكر، إلا عندما رصت صواني القهوة وعزفت النسوة المتشحات بالسواد عدودة قديمة فى هارمونى غريب، حتى إنها سقطت وسطهن وشعرت بوقع أقدامهن ورائحة قهوته مازالت فى أنفها. 4 – المرايا أخفيتُ كل المرايا، ولم يعد يستهويني النظر فى صفحة الماء، حتى لا أرى صورتى المرتبكة وملامحى التى تغيرت حين قابلته وتسلل الإثم إلى قلبى، أعلن توبتى بالنهار، وبالليل تكتبني الخطيئة عنوانا بارزا فى سواد صفحتها، أغتسل بالماء كثيراً حتى أتخلص من رائحته، ويبقى وداعنا مناوشة شيطانية يعقب عليها بقصيدة عارية من حبه.. ينبت له ألف وجه، ولا يسعنى إلا قضم أظافرى وأستحي أن أنظر لعينيه حتى لا ألمح طيفي المغسول للتو بماء خطيئته. 5 – الشر حينما ماتت أختي بحمى النفاس، ولم يجد زوجها غيري للقيام بدور الأم البديلة، أزحت كل صورها المعلقة على حوائط البيت وتركت صورتي وأنا متأبطة ذراعه، لكن بعد قليل وجدت ظل أختي يتربع الصورة من الخلف فى ثبات والشر يطل من ملامحها الناعسة. 6 – خدعة حينما كان يصر أن أقول له: - أحبك. كنت أغمض عينىَّ وأبتسم وأرى حلمى يداعبنى ويدعونى فألبي النداء قائلة: - نعم. لا يلبث أن يبتهج ويبتسم فى بلاهة ويهدينى عقدا من الياسمين كل ليلة، ما إن يلتفت للوراء حتى أباغت الياسمين بأطراف أصابعى وهي تعصره فى ارتياح ونشوة.