ربما يعتقد أنصار حمدين صباحي أن حرب التشويه التي تمارس ضد الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح على صفحات الجرائد وشاشات الإنترنت تصب في مصلحة مرشحهم، في وقت كان يجب أن يلتفت فيه كلا الطرفين إلى ما يقوم به الإخوان المسلمون لحشد الشارع المصري ودعم الدكتور محمد مرسى مرشح حزب الحرية والعدالة بالتوازي مع ما يفعله الفلول لتلميع عمرو موسى. لعنة الجماعة التي يظن البعض أنها سُبة في حق أبو الفتوح، لن تؤثر إلا على عدد قليل من مدمنى «فيس بوك» و»تويتر» الذين مازالت أصواتهم حائرة بين الرجلين والمفاضلة بينهما لمنح أحدهما في النهاية لقب مرشح الثورة، في حين أن القوة الانتخابية تكمن في شارع يسيطر عليه الإسلاميون والفلول، وصناديق الانتخابات لن تفرق بين ثائر لم يغادر ميدان التحرير وبين فلاح بسيط يعيش في أقصى جنوب مصر ولا يدرك ما يحدث حوله. أما الكارثة الحقيقة فهي أن يتفرغ أنصار حمدين وأبو الفتوح ليشكك كل طرف في مرشح الآخر وإقصاء فكرة الاتفاق فيما بينهما وتوحيد الصف لتصعيد مرشح واحد على طاولة السباق والتأكيد على أن الآخر نائب له، والبعد قبل فوات الأوان عن التشاحن والفرقة التي ستعجل بضمان حصر السباق بين موسى ومرسي. على أبو الفتوح وحمدين إثبات حسن النوايا تجاه ثورة آمنا بها، ودفع الشعب ثمنها من دماء خيرة شبابه.. وعلى القوى الثورية التوفيق بينهما والضغط عليهما للخروج من هذا المأزق الذي سيربح فيه كلاهما الخسارة والحسرة. الأمر مهم، والعثور على شخصية باستطاعتها أن تنهض بالمهمة الثقيلة والمصيرية ليس عسيرا. فهل يفعلها الدكتور محمد البرادعي ويقوم بدور الوسيط ليقنع حمدين بالتنازل لأبو الفتوح أو العكس.. خاصة أن الوقت المتبقي على الانتخابات الرئاسية يفلت من بين أصابع ثورة يحتاج جسدها إلى روح يناير التي كانت تضع مصلحة مصر في المقدمة؟! عشرات السنين صنع الإخوان على مدارها قاعدة شعبية من الحماقة الاستهانة بها، إلى جانب ما يتمتع به الفلول من خبرة سياسية باستطاعتها أن تقلب الموازين في اللحظات الأخيرة. وعلى شباب التحرير الذين استطاعو أن يكونوا اللاعب الأمهر في الجزء الأول من ثورة 25 يناير الذي انتهى بعد 18 يوماً من قيامها بإزاحة مبارك عن السلطة، إدراك أن الانتقال إلى الملعب السياسي بعد ذلك كان يحتاج إلى شروط جديدة لم يتم توافرها فيهم مما حولهم -للأسف- إلى مجرد كرة لا تدري مصيرها، بينما كانت المباراة تقام بين الإسلاميين وبقايا النظام. الوعي السياسي الذي يراهن عليه الثوار لايزال في حاجة إلى تربة صالحة يتم تبويرها بمؤامرات عنقودية ساعد على زرعها وتفجيرها إدارة سيئة للعسكر في فترة انتقالية ليس بإمكان أحد التأكيد على موعد انتهائها، ولاسيما بعد قرار مصر المتأخر بقطع الغاز عن الكيان الصهيوني. آخر سطر: .. مثل الشطرنج؛ لا يعتمد الفوز على ما تمتلكه من ذكاء، ولكن أيضا على غباء.. منافسك.