كشفت مصادر داخل الحركة الإسلامية ل «الشرق» عن وجود اختلافات وتباينات بين قادة الحركة الإسلامية في الأردن حول عدد من المسائل. وتتداخل في هذه الخلافات التقسيمات التقليدية لتيارات الحركة الإسلامية مع تقسيمات جديدة ومواقف جديدة لشخصيات كانت تحسب على هذا التيار أو ذاك. ويأتي في طليعة القضايا المختلف عليها مسألة الموقف من قرار فك الارتباط الإداري والقانوني بين الأردن والضفة الغربية عام 1988. وفي مقابلات سابقة صرّح اثنان من أبرز قادة الحركة الإسلامية ل «الشرق» أن الحركة على وشك اتخاذ موقف مؤيد لقرار فك الارتباط ومطالبة بقوننته، وهما الدكتور رحيل غرايبة وعلي أبو السكر، إلا أن تصريحات علنية لكل من حمزة منصور وزكي بني أرشيد جاءت في سياق مختلف تماماً معتبرة أن فك الاتباط غير دستوري. ويعتبر ذلك من الحالات النادرة التي تبرز فيها اختلافات قادة الحركة إلى العلن. وأكد عدد من قادة الصف الثاني في الحركة الإسلامية ل «الشرق» أن المسألة تأخذ حيزاً كبيراً من النقاش الداخلي، مرجحين أن تتخذ الحركة قرارات وصفوها بالجريئة بهذا الخصوص خلال شهر يونيو المقبل مع انتخاب قيادات جديدة للحركة. ويستشهد هؤلاء بقدرة الحركة على اتخاذ قرار بفك الارتباط التنظيمي بينها وبين حركة حماس واعتبارها حركة فلسطينية مستقلة ضمن جماعة الإخوان المسلمين العالمية. كما كشفت مصادر الحركة الإسلامية عن وجود خلاف عميق آخر داخل الحركة يتمحور حول طريقة الحكم وشكل الدولة، إذ يرى تيار قوي في الحركة الإسلامية ضرورة سلوك النهج التونسي والتركي، وعدم الإصرار على «أسلمة» المجتمع، وعدم التركيز على تعديل الدستور والقوانين ضمن فهم الحركة للشريعة، حيث يفضل أنصار هذا التيار شكلاً أكثر ليبرالية للدولة، مع طابع وروحية إسلامية. ويستشهدون خصوصاً بعدم إصرار حزب النهضة التونسي على تضمين الدستور نصوصاً حول استقاء الأحكام من الشريعة. ولكن تياراً آخر في الحركة أكثر تشدداً يرى أن من حقها أن تحصل على الأغلبية وأن تصوغ الدستور وفق رؤاها، وأن تصر على تطبيق الشريعة كما تفهمها. من ناحيته قال الخبير في الحركات الإسلامية الدكتور محمد أبو رمان ل «الشرق»: هنالك تياران داخل الجماعة، الأول يدفع باتجاه قبول قرار فك الارتباط، ويستند إلى حجج متعددة أهمها أنّ قبول الجماعة بهذا الموقف يقطع الطريق على التشكيك في صلابة مواقفها من التوطين والوطن البديل. إلاّ أن رفض التيار الإخواني الثاني العريض الاعتراف بقرار فك الارتباط يخفي في طياته هواجس المجتمع الأردني من أصول فلسطينية من أن يؤدي مثل هذا الاعتراف والوصول لاحقاً إلى قوننة فك الارتباط إلى الإضرار بحقوقهم السياسية والمدنية في الأردن، وتهديد مصالحهم، أي أن يكون مثل هذا الموقف بوابة للانتقاص من «مواطنتهم». فمن المستبعد أن توافق جماعة الإخوان حالياً على القبول بإقرار علني بهذا القرار، بما يصادم مصالح القاعدة الاجتماعية الواسعة الداعمة لها. وأضاف أبو رمان: أما بالنسبة للنموذجين المصري والتونسي، فعلى الرغم من أن هنالك تيارين في الإخوان ما بين الأيديولوجي والبراغماتي، إلا أنّ الوثائق الإخوانية الأخيرة تخلو من أولوية تطبيق الشريعة أو جعله مبدأ دستورياً، وتتمركز حول الإصلاح السياسي الديمقراطي، لكن هذا لا ينفي أن يبقى سؤال البرنامج الاجتماعي للإخوان مصدر تساؤلات ونقاشات لدى العلمانيين وهاجسهم من «الأسلمة». في هذه النقطة تحديداً يبدو إخوان الأردن أقرب إلى النهضة التونسي.