محمد زعارير يحرص كثير من الآباء على إبقاء هذا الصنف متوفراً في منازلهم، ما داموا على قيد الحياة. يأتيه العريس طالباً زواج ابنته، مقدماً كل ما يستطيع فعله، فيثب الأب وثبة أسدٍ مسيطر، متبادلاً صهره الواعد ابتسامات الترحيب اللينة وهو يقول:»أهلاً أهلاً نتشرف بزيارتكم ونسبكم» والشاب المسكين يحاول أن يظهر الابتسامة، لكنه لا يستطيع بسبب الرجفة من الموقف المتوقع، فقول الشاعر يتردد صداه في دواخله: إذا رأيت نيوب الليث بارزةً فلا تظنّن أنّ الليث يبتسم! يبدأ بوصف بيت المستقبل الذي سيسعد فيه ابنته، والدخل الكبير الذي يجعلها تعيش في رغد ورفاهية، والسيارة الحديثة التي تضمن لها المتعة وسلامتها أثناء ترفيهها وتنقلها، ولا ينسى السائق الخاص والشغالة، فهي من هي؟ هي ابنة الأسد! ويستمر في تحديد مواصفات السكن، والحفل، بينما يكون الشاب يرغب في ماءٍ يبلل به ريقه المتنشّف، والفتاة تسترق السمع من وراء الأبواب والجدران، لتحدد مكانها في وعاء المخلل الكبير! يأخذ الشاب منديلاً كي يمسح جبينه من العرق الذي بدأ يفضح أمره أمام والد العروس، ثمّ يبلع ريقه مرتين متتاليتين، ويأخذ نفساً عميقاً، ويبدأ يرفع رأسه شيئاً فشيئاً، لينظر في وجه أبي العروس قائلاً: لقد أتممت دراستي الجامعية بتميز، وأعمل الآن في وظيفة محترمة، وما زلت أكوّن نفسي، فبعض الطلبات التي... يقاطعه الأب: أما بالنسبة للذهب والمهر وشهر العسل، فسيكون... يحمل الشاب رأسه، ويحاول أن يهدئ خاطره المهتريء، مودعاً أهل البيت بحرارة مفتعلة، وهو يعلم أنه لن يراهم بعد اليوم، وفجأة عاد في خاطره متأملاً سنين العزوبة المقبلة! ويعود الأب يجلس في عرينه مستغرباً من خروج ضيوفه دون اتفاق! وجاءته ابنته تحمل كيساً كبيراً من الملح وهي تقول له: خللني يا أبي جيداً، ولا تنسَ أن تضع الكيس كاملاً، كي أدوم أطول فترة ممكنة! فأنت لا تعلم بعد، أن مصباح علاء الدين ما هو إلا أسطورة مهجورة!