أبوبكر محمد بن عبدالملك بن طفيل القيسي (506 – 581ه، 1110 – 1185م)، ولد في قادش وتوفى في مراكش. شاعر وطبيب ورياضي، صار وزيراً للأمير يوسف بن عبدالمؤمن، ثاني أمراء أسرة المهدي. اشتهر برسالة حي بن يقظان أو «أسرار الحكمة الشرقية». يعد ابن طفيل الرائد الفلسفي والروحي الكبير للفكر، فيما يتعلق بوحدة الوجود في المغرب العربي الإسلامي. ظهرت فلسفته في قصة حي بن يقظان، بيّن فيها كثيراً من آرائه التي لا تزال مثار جدل ودراسة حتى الآن. وبقصة حي بن يقظان، أراد ابن طفيل كسر الاستعلاء العلمي والسلطوي والاقتصادي آنذاك، وجعل الناس سواسية في العلم بالله، والوصول إليه لمن سلك الطريق. ورأى أنَّ الوصول إلى الله ليس فقط بالنزعة الصوفية، بل بالاعتماد على العقل الطبيعي والتأمل والحب، وهذا هو الجديد في الفكر العربي. تأثر بفلسفة ابن سينا ومدرسة حرّان والفسلسفة الشرقية، وكان أثرها واضحاً في مقولة العقل الفعال، والأفلاك العشرة. ومن أبرز ما ذهب إليه ابن طفيل، أنَّ جميع الكائنات في أصلها شيء واحد، اختلافها باختلاف قدرتها على الظهور. وهو بهذا يعد صاحب نظرية النشوء والارتقاء قبل داروين، ولكن من وجهة روحية مادية. ويقرر في فلسفته قدم العالم، ووحدة الوجود ليس بين الذات الإلهية والذات الإنسانية، وإنما وحدة الله والإنسان والكون من تجلي الأسماء والصفات. ويرفض اتحاد الذاتين: ذات الله وذات الإنسان، رغم كلامه الموهم في مواضع أخرى. استطاع ابن طفيل بهذه القصة الرمزية، أن يوصل فكره إلى العالم كله، وأن يفتح الباب على مصراعيه للعقلانية التأملية الروحية دون شروط أو موانع أمام الإنسان، مهما كان جاهلاً أو فقيراً أو فاقداً لأدوات الإنسان المتحضر؛ لأن حقيقة العلم هو الوصول والاتحاد مع الخالق في وحدة واتصال.