جاء نظام “الحماية من الإيذاء” الذي يدرس في لجنة الشؤون الاجتماعية في مجلس الشورى بعد دمجه مع نظام التحرش مخيبا للآمال كون النظام فتح الباب على مصراعيه لاجتهادات القضاة في وقت تسعى فيه الجهات القضائية في المملكة لتقنين القوانين والأنظمة والعقوبات بأشكالها المختلفة حيث لم يحدد أية عقوبات رادعة بحق ممارسي التحرش أو العنف الأسري بحجة صعوبة تحديد العقوبات المناسبة، وهذا هو العذر الذي يعد أقبح من الذنب لأن الإيذاء بشتى أصنافه المختلفة والتحرش الجنسي جرائم تعاقب عليها كل أنظمة وقوانين العالم سواء كانت رسمية أو وضعية بعقوبات رادعة ومحددة ومكتوبة ببنود وتفاصيل وذلك لعظم الجرم الذي له الأثر الكبير نفسيا واجتماعيا. إضافة إلى أن النظام يفقد قوته ويصبح ضعيفا دون تحديد العقوبة المناسبة لكل جرم فيما يأتي ذلك في وقت تتنامى فيه أرقام جرائم العنف والإيذاء ضد المرأة والطفل، حسب الإحصاءات والدراسات التي أجريت مؤخراً وأفصحت عنها الجهات رسمية ومنظمات المجتمع المدني، حيث تشير آخر إحصاءات وزارة الصحة أن حالات العنف الأسري سواء للأطفال أو النساء بلغت 1600 حالة العام الماضي كما برزت على السطح مؤخراً جرائم التحرش الجنسي بكل أشكالها وأنواعها المختلفة، في ظل الانفتاح الذي طرأ في السنوات الأخيرة على المرأة السعودية التي اقتحمت عديدا من مجالات العمل المختلفة، الأمر الذي يرجح احتمالية تعرضها للتحرشات الجنسية في أماكن العمل لاسيما في ظل عدم وجود عقوبات رادعة تمنع كل من تسول له نفسه الشروع في التحرش، بل ويعد هذا التهاون في عدم إصدار قوانين رادعة أمراً مشجعاً لعدد من ضعاف النفوس لذلك لابد لمجلس الشورى أن يعيد النظر في كل تفاصيل نظام الحماية الإيذاء التحرش الجنسي ويراعي فيه عديدا من الجوانب والمستجدات التي طرأت على المجتمع وتضمين عقوبات محددة كل جريمة ولا مانع من استشارة رجال القضاء والقانون محلياً وعالمياً حتى يخرج النظام قوياً ومواكباً وبطريقة ترضي التطلعات والآمال. خاصة وأن العديد من المراقبين وأصحاب الشأن أبدوا ارتياحاً كبيراً لعملية دمج نظام الإيذاء مع نظام التحرش وتفاءلوا خيراً واعتبروه أمرا مفيدا وأكثر سهولة في تعاطي القاضي معه، كون تعدد الأنظمة يسبب إرباكاً للقاضي، لكن التصريح عن عدم وضع عقوبات كان مخيباً، حيث سيترك للقاضي إصدار عقوبات ليست دقيقة تخضع لتقديره الشخصي .