فارس بن عقيل العجل تطل هذه الإمارة العربية على ساحل الخليج العربي وتحتضن مضيق هرمز وبحر العرب شرقا، وشمالا هضبة بلاد فارس وغربا العراق وهي امتداد وعمق إستراتيجي للوطن العربي والبوابة الشرقية للخليج العربي الكبير، وعدد سكانها حوالي اثني عشر مليونا تقريباً، وتبلغ مساحتها 324 ألف كلم2. وعندما قامت الجيوش العربية والإسلامية بفتح هذه المنطقة والقضاء على الهرمزان في سنة 17ه أصبحت هذه المنطقة جزءا من بلاد العرب واستوطن بعض العرب هذه المنطقة وأخذوا يتوافدون إليها تباعاً وعلى طول عهد الخلافة الأموية ثم العباسية وإلى ثورة الزنج ثم الحكم العثماني كانت جزءاً لا يتجزأ من الأراضي التابعة للخلافة. وقد تلتها بعد ذلك هجرات متتالية لقبائل نجد والحجاز مثل بني كعب وخزاعة وشمر بقيادة فارس بن شهوان الضيغمي وتميم وزبيد وبني خالد والفضول وعنزة وعتيبة ومطير والد واسر، والهواجر وقبائل بني عبس وقبائل أخرى وحتى هذه اللحظة لهم امتدادات في نجد والحجاز. كما أثبت ذلك السير أرنولد ولسن في كتابه الخليج العربي. وهناك مؤرخون كثر استطردوا في هذا البحث بشكل أكثر تفصيلاً وتخصصاً، كالمؤرخ باليني، والمؤرخ الإسباني هوديك أوني في كتابه (الفقاعة الذهبية). وهناك زيارات متعددة ومتبادلة بين ملوك وأمراء وشيوخ وأعيان منطقة الخليج العربي بما فيها إمارة الأحواز مثل زيارة المغفور له بإذن الله جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود وأمير الكويت وأمراء الخليج لإمارة الأحواز وكان لأميرها خزعل وأهل عرب ستان دور مهم في سير الأحداث واستقلال بعض من إمارات الخليج. ولكن هذه الإمارة العربية الفتية اقتطعتها إيران عام 1925م واختطف أميرها الشهيد بإذن الله البطل خزعل الكعبي وأعدم في في مدينة طهران، وهدمت قصور الحكم وقصر الفيلية، وكل المعالم الأثرية، وفرضوا سيطرتهم على هذه الإمارة والقلعة الحصينة، قلعة المجد والأحرار «عرب الأحواز» وشددوا هيمنتهم البربرية المجوسية على أهلها، ومحوا الطابع العروبي لها، وغيروا ملامحها، وطمسوا تاريخها الأصيل، وسميت خورستان وغيروا الأسماء بأسماء جديدة مثيرة للدهشة، حتى إنّ المدن والأنهار لم تسلم من التغيير بأسماء فارسية، ولم يقتصر الأمر لهذا الحد بل شمل الجماد والعباد، حتى إنّ أسماء المواليد فرضت عنوة بأسماء فارسية، وضيق على كل من يحمل اسم أبو بكر وعمر وعثمان وعائشة...إلخ، ويقتل وينكل ويعلق بالمشانق كل من يعارض أو يرفض الامتثال لتلك القوانين التعسفية. ومن أبرز الاحتجاج العربي آنذاك تمثل في موقف المملكة العربية السعوديّة التي بادرت بقطع علاقتها مع بلاد فارس احتجاجا على غزو إمارة الأحواز وإعدام أميرها الشيخ خزعل، وتصفيق الحوزة العلمية الشيعية بمدح رضا بهلوي وعلى رأسهم الخاقاني. وقد امتد هذا الظلم حتى قيام الجمهورية البغيضة في محو الهوية العربية لهذه المنطقة، ومنع أهلها من تعلم اللغة العربية، لغة القرآن الكريم، فالناس لا يتكلمون بها إلا همساً، ولا يتعلمونها إلا سراً، حتى طال الحال مساجد أهل السنة في تلك المنطقة بتحريم الصلاة فيها وهدمها وزج شيوخهم وعلمائهم في السجون الصفوية، رغم مناصرة إخوانهم الشيعة العرب، الذين لم يسلموا من التحقير والتصغير، إذ يخاطبون بالأعراب استصغاراً وتحقيراً. ألا يستحق إخواننا في الدين والدم المناصرة والمؤازرة والدعم المعنوي والمادي والإعلامي لقضيتنا قبل أن تكون قضيتهم؟ ولكرامتنا قبل أن تكون كرامتهم؟ أليس المسلم أخا المسلم، والمسلمون كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى. ولا أدري ما يشغل العرب عن قضية الأحواز ونصرة أهلها؟ هل هي الدبلوماسية وحسن الجوار؟ أم هو عدم التدخل في شؤون الآخرين بالنسبة لإيران؟ ولكن أين هي إيران من هذه القيم؟ هي تجتاح أرضنا، وتحتل جزرنا، غير آبهة بما تتركه تلك التصرفات بقيم حسن الجوار واحترام الحدود الدولية لجيرانها! هي تتآمر على إسقاط بعض النظم السياسية وتعمل على زرع الفتنة والفوضى في تلك الدول.إذن ما الذي يمنع الدول العربية ودول الخليج بشكل خاص من تبني القضية الأحوازية وتصعيدها في هذه الآونة؟ خصوصاً أن هذا الأمر ليس وليد اليوم، فقد تبنت الدول العربية القضية في قمة القاهرة في عام 1964م واتخذت قرارات تساند حقوق الأحواز «عرب ستان» مساندة كاملة، بل وقررت إدراج قضية تحرير إمارة الأحواز العربية في المناهج الدراسية، وهذه القرارات الصائبة لم تجد الدعم السياسي الكافي منذ ذلك الحين، رغم أنها من أهم القضايا في تاريخنا المعاصر بعد قضية فلسطين.