تأتي زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وزير الدفاع، إلى واشنطن – في وقتٍ لم يُعرَف فيه على وجه الدقة مدى التزام النظام السوري باتفاق وقف إطلاق النار- لتعكس إصراراً سعودياً على الوقوف بجوار الشعب السوري المطالب بحقه في الحياة وسلك كل السبل لمعاونته على تحقيق أهدافه المشروعة انطلاقاً من ثوابث يفرضها الالتزام الأخلاقي. وتقول التقارير الواردة من العاصمة الأمريكية إن محادثات الأمير سلمان مع نظيره الأمريكي ليون بانيتا ومن بعده الرئيس باراك أوباما ركزت على تفاصيل الأزمة في سوريا وتطورات الوضع فيها وشَهِدَت تأكيدا من الجانب السعودي على وجوب تفعيل الموقف الدولي الرافض لممارسات نظام بشار الأسد بما يخدم مصالح السوريين وينهي مسلسل التقتيل اليومي، الذي أسفر خلال آخر أسبوعين فقط عن سقوط ألف قتيل. وينظر مراقبون أمريكيون إلى هذه الزيارة المهمة باعتبارها «رسالة» من أكبر دولة عربية في المنطقة إلى الولاياتالمتحدة مفادها وجوب حسم واشنطن أمرها فيما يتعلق بسوريا لأن المبادرات الإقليمية والدولية على مدى عامٍ كامل لم تؤد لنتائج ملموسة بل ربما زادت الأوضاع سوءاً. وتعكس هذه الرسالة عدة حقائق يمكن استنتاجها، أولاها أن المملكة مازالت قلقة على مصير الشعب السوري، خصوصاً أن أطرافاً فاعلة في الأزمة -وفي مقدمتهم مبعوث الأممالمتحدة كوفي عنان- أفادت بأن نظام الأسد لم يلتزم بوقف إطلاق النار كما نص الاتفاق، بل استمر سقوط القتلى واعتقال الناشطين حسبما أكدت الشهادات الميدانية. أما ثاني الحقائق فهو استمرار المملكة في بذل جهودٍ دولية تستهدف التنسيق السياسي مع كافة القوى العالمية لحل الأزمة بما يحفظ استقرار منطقةٍ تعصف بها المشكلات من كل اتجاه. ويتزامن حرص الإدارة السعودية على إنهاء معاناة الشعب السوري مع مواقف دبلوماسية مضطربة لعواصم مؤثرة في صناعة القرار الدولي ومن بينها واشنطن التي يشعر المراقب لتصريحات مسؤوليها بتذبذبٍ في موقفها إزاء سوريا إلى درجة دفعت أعضاء في الكونغرس لوصف خطواتها بالبطيئة، وهنا تكمن أهمية تحركات المملكة كقطب قائد في المبادرة الدولية لإنقاذ السوريين، تصدر عنه طوال الوقت مواقف ثابتة لا تعرف التحول.