هي بضعة خطوات تلك التي كانت تفصلك عن التقائك هذا المسؤول؛ فأخبرني -يارجل- أتود إذ ذاك أن يلقاك هذا المسؤول -كبيرا كان أو صغيرا- ب(باب مفتوح) لم يقرع أم ب(أذن مفتوحة) دأبها أن تقرع مرارا؟! يبدو أن سؤالا مثل هذا لا بد وأن يكون ذا عوج أو إن تشأ قلت: غير ذي معنى؛ ذلك أني تذكرت للتو أن الباب محض «جماد» إذ الشأن فيه لمن يفتحه أو يغلقه؛ بينما «الأذن» كائن حي، وعليه فحشرهما في سياق واحد ضرب من التكلف وحال من مفارقة لا تخلو من عبث!، وبلهجتنا المحكية: «وش جاب لجاب..الله يرحم حالي وحالك»! وأيا ما كان الأمر..فإن الفرق جد كبير فيما بين الضرب على الأبواب والضرب على السمع/ الآذان، ولكم أن تلموا بشيء من إعجاز الدلالة في سورة الكهف.وبكل.. فلا يمكن لحاجتك أن تنقضي بمجرد أن تمس يدك «الخشنة» يدا باذخة النعومة يمتلكها مسؤول أبدى بهذا الفعل»الإنساني» الكثير من نبل تواضعه الذي للحظة هذه -وشهادة لله وللتاريخ- لا أعرف أن ثمة بدلا يمنح إياه مقابل هذا: «السلام «وتلك: «المصافحة»! لكن يمكن لحاجتك تلك أن تقضى في مراحلها الأولى لما أن ينصت لك «المسؤول» بصورة تخاله معها وقد استحال كله «أذنا كبيرة»! إذ إن الطرق المختصرة إلى قلب المسؤول هي: أذنه. تذكرت الآن.. أنه لا يمكن للأفواه أن تنفتح وتدلي بحاجاتها ما لم تكن ثمة آذان مفتحة أبوابها دون مصاريع، ويا أيها المسؤولون كونوا لنا: «آذان خير» حتى تنأوا بأنفسكم من أن تكون «لقد جئتم شيئا إدا»، وما ظنكم بكراسيكم التي تربعونها؟! وإن هي إلا: «أَمَانَةٌ وَإِنَّهَا حَسْرَةٌ وَنَدَامَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا ، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا». وبعد.. فمن مقتضيات فتح «الآذان» حدوث مواقف يلزمكم إبانها التأسي بسلوكيات الداهيتين رضي الله عنهما: • حبس عمرو بن العاص عن جنده العطاء (أي الرواتب) فقام إليه رجل حميري؛ فقال: أصلح الله الأمير، اتخذ جندا من حجارة لا يأكلون ولا يشربون! فقال عمرو: اسكت يا كلب. قال الحميري: إن كنت كذلك فأنت أمير الكلاب! فأطرق عمرو، ثم ما لبث أن أخرج أرزاقهم (أي رواتبهم). • وحدث محمد بن حبيب قال: أخبرني ابن الأعرابي قال: شهد أعرابي عند معاوية بشهادة، فقال له: كذبت! فقال الأعرابي: الكاذب المتزمل في ثيابك فقال معاوية وتبسم: هذا جزاء من عجل.