لأجل نشر الوعي حول القطاع الصحي، الذي هو من القطاعات والمجالات العملية النشطة، دعوني أساهم بهذا الجهد التعريفي عن الاستثمار في هذا القطاع، الذي يعد أحد ركائزه الأساسية، فالاستثمار في القطاع الصحي يعد علماً ومجالاً عملياً قائماً بذاته في العديد من بلدان العالم. هناك نوعان من الاستثمار: محلي أو دولي، وكذلك الاستثمار قصير الأجل (وهو السائد) أو استثمار طويل الأجل (الاستثمار الإستراتيجي). أما مجالات الاستثمار، فهي تتنوع وتختلف، إمّا أن تكون على أساس الخدمات، أو نوع ملكية المنظمات الاستثمارية. والاستثمارات الخدماتية تشمل الخدمات (الوقائية – العلاجية التأهيلية) كالمستشفيات والمراكز الطبية والصحية والطبية، بالإضافة للخدمات التأمينية، ممثلة في شركات التأمين. والاستثمار الخدماتي يشمل الخدمات التعليمية والتدريبية، مثل المعاهد ومراكز التدريب والكليات والجامعات الصحية والطبية. أما الاستثمار المبني على أساس نوع المنظمة، كالاستثمار الحكومي والأهلي (الشركات العائلية والشركات المساهمة). كل هذه التقسيمات المختلفة لأشكال الاستثمار، تختلف كماً ونوعاً على حسب البيئة الاستثمارية التي تختلف من دولة لأخرى. ولعل تركيزنا سوف يكون على الاستثمار في المملكة العربية السعودية كدولة تتوفر فيها جميع مستلزمات الاستثمار الناجح، في مجال الخدمات الصحية الطبية. في البداية هناك حاجة ماسة في المملكة لوجود تنظيم (مجلس أو هيئة) تهتم بالاستثمار الصحي والطبي بالمملكة. هذا التنظيم يعنى بجميع الشؤون الخاصة بالاستثمار، التي تمس المواطن والمستثمر والوطن، داخلياً وخارجياً. ولعل أول مهمة يمكن لهذا التنظيم القيام بها، هي إعداد تقييم شامل لتجربة المملكة في الاستثمار الصحي والطبي. فالمجال الاستثماري الصحي والطبي كغيره من الخدمات الاستثمارية التي تحتاج إلى تقييم. إن نتائج هذا التقييم سوف تكوِّن أساساً لتطوير وتغيير البيئة الاستثمارية الحالية، لكي تواكب النهضة الاقتصادية التي تعيشها المملكة. وهذا التنظيم الذي تشارك فيه وزارة الصحة مع بقية الهيئات والوزارات المختلفة المعنية بالاستثمار في القطاع الصحي، يحتاج إلى معرفة نقاط الضعف والقوة وتلمس حاجة المواطن والمستثمر معا، ويعمل على: مراجعة التشريعات والأنظمة والقوانين المنظمة والمشرعة للاستثمار في القطاع الصحي والمساهمة في إحداث التغيير المناسب، توفير قنوات رسمية للدعم المالي الحكومي والأهلي (القروض) لتشجيع الاستثمار الصحي والطبي، إيجاد قاعدة بيانات متطورة تعنى بالمشروعات الصحية والطبية الاستثمارية، المساعدة على إيجاد المحاكم المتخصصة في المجال الطبي للبت في القضايا الصحية والطبية الاستثمارية، توعية المستثمرين عن الفرص الاستثمارية في المجالات الصحية والطبية داخل وخارج المملكة، تبني وتفعيل مبدأ الشفافية من خلال إيجاد قاعدة بيانات للمخالفات الاستثمارية، التواصل الدائم مع وسائل الإعلام لمناقشة القضايا الاستثمارية، تفعيل التركيز الإعلامي لتشجيع الاستثمار في القطاع الصحي وإبراز أهميته للوطن، مثله مثل بقية المجالات الأخرى.