فركت عيني جيداً لأتأكد مما تعرضه الشاشة، فقد التبس عليّ المشهد وأنا أتابع برنامجاً رياضياً مصرياً بالصدفة، كان الضيف على غير العادة في مثل هذه البرامج شيخاً أزهرياً يعتمر الجبة الحمراء ويرتدي القفطان الكحلي ومن خلفه إعلان المشروب الغازي والديكور الرياضي وكأنه قد دخل إلى أستوديو التصوير بالخطأ! تريثت ورفعت مؤشر الصوت لأسمع ما يقوله عالم الفقه عن عالم الكرة! كان من الواضح أن الشيخ ومقدم البرنامج منهمكان في تحليل أحداث مباراة بورسعيد أو بالأحرى (مقتلة) بورسعيد التي راح ضحيتها ما يزيد على سبعين شخصاً، فهمت سر الاستضافة.. تعدى الحدث المؤسف جانبه الرياضي واستدعى السياسي والفقيه وبقية حلقات المجتمع لرقع الانفلات! لكنني لم أفهم استطراد المقدم إلى قضايا كروية ما كنت لأظن أنها ستكون موضع الفتوى على اعتبار أن كرة القدم لعب ولهو ولغو معفو عنه، وليست قضية جادة تنطبق عليها الأحكام الفقهية الصارمة من تحليل وتحريم ونحوه.. على سبيل المثال سأل المقدم الشيخ عن تحايل المهاجمين للحصول على ضربة جزاء؟ وكان جواب الشيخ فاصلاً بالتحريم لأن كرة القدم مهنة من سائر المهن لها قواعد وضوابط وبالتالي ينطبق عليها ما ينطبق على جميع المتعاقدين.. -تمتمت باسماً وقتها: ليت شعري أتاب سامي الجابر هداه الله-.. ثم توالت أسئلة عن سباب الجماهير للحكام واللاعبين وعن تضييع الوقت بتصنع الإصابة! وغيرها من الاستفسارات.. وفي ختام البرنامج شدد فضيلة الشيخ على وجوب اقتران اللياقة الرياضية باللياقة الدينية.. مازلت عند رأيي المتواضع من أن كرة القدم ليست باباً من أبواب الفقه.