وقف ناهض والد الطفلة بيسان المشهراوي (أربعة أعوام) بعينين دامعتين مذهولا في مستشفى النصر للأطفال يعجز عن الكلام، وهو ينظر إلى جثة ابنته، التي توفيت جراء انقطاع التيار الكهربائي عن المستشفى بشكل مفاجئ. لم ترتكب بيسان أي ذنب بحق أحد ولم تعادي دولة الاحتلال الإسرائيلي فهي لم تدرك بعد ما يدور حولها، ولم تسأل نفسها لماذا تعيش غزة في الظلام؟ ومن السبب؟ ولماذا يمنع الوقود عن غزة؟ بيسان لحقت بعد أقل من يومين بالطفل محمد الحلو الذي توفي هو الآخر بسبب عطل مفاجئ في المولد الكهربائي في منزله الذي يغذي جهاز التنفس الصناعي الموصول به. الخطر على حياة المرضى في قطاع غزة لا يقتصر على مستشفى النصر للأطفال فحسب أو المرضى في بيوتهم بل إنه يتهدد المرضى في مختلف مستشفيات القطاع، وهو ما دفع وزارة الصحة الفلسطينية بغزة لاعتماد خطة طوارئ في محاولة لتفادي أقصى ما يمكن من المخاطر على حياة المرضى. ويقول الناطق باسم الإسعاف والطوارئ بوزارة الصحة بغزة، أدهم أبو سلمية ل «الشرق»: «هناك نقص حاد في الوقود لدى وزارة الصحة بحيث تقلصت الكمية المتوفرة لديها لتصل إلى 18% فقط من مخزونها، وهو ما لن يمكن القطاع الصحي من الصمود أكثر من ثلاثة إلى أربعة أيام على أكثر تقدير.وأضاف أبو سلمية: «وفق الخطة التي أعلنت عنها «الإسعاف والطوارئ» يتم التعامل فقط مع الحالات الطارئة، كما يتم فصل التيار الكهربائي بشكل منتظم عن بعض الأقسام في المستشفيات مثل الباطنة والصدرية التي هي أقل حاجة من الأقسام الأخرى للكهرباء، مع تركيز التيار الكهربائي لأقسام العمليات والعناية المركزة»، مشيرا إلى أن وزارة الصحة جلبت مولدات صغيرة لأقسام العناية المركزة وأقسام النساء والولادة والعمليات، وأوقفت عمل المولدات الكبيرة حتى تخفف من استهلاك الوقود إلى أقصى درجة ممكنة.ولفت أبو سلمية إلى أن هناك أكثر من 400 مريض من مرضى الكلى يحتاجون للتيار الكهربائي بشكل مستمر، وأكثر من سبعين حالة مرضية للأطفال الخدج الذي يحتاجون الكهرباء بشكل مستمر، و66 مريضا في أقسام العناية المركزة في المستشفيات.وشدد على أن وزارة الصحة تعيش كابوسا في كل لحظة، مؤكدا أنه لا مجال للحديث عن مخزون أو فائض، لأن الوضع في قطاع غزة خطير جدا، وقال: «لا نتمنى أن نصل إلى السيناريو الأسوأ بتوقف الحياة في المستشفيات»، مشيرا إلى أن الوزارة أرسلت رسائل عاجلة خاطبت فيها اللجنة الدولية للصليب الأحمر واللجنة الدولية لكسر الحصار واللجنة المصرية لكسر الحصار واتحاد الأطباء العرب في محاولة لإنهاء الأزمة وإدخال الوقود على الأقل للقطاع الصحي، «لكن حتى الآن لا توجد نتائج حقيقية على الأرض».