امتلأ مطار الملك خالد الدولي، آلاف السعوديين والسعوديات يتسابقون على بوابات المطار، كأنهم سجناء حصلوا على أمر إطلاق السراح. أصبح السفر ضرورة من ضرورات الحياة لهم، في ظل شبه انعدام في وسائل الترفيه والسياحة، وارتفاع أسعار الفنادق والشاليهات السياحية في المنطقتين الشرقية والغربية، وافتقاد الراحة والخصوصية حتى في المطاعم التي لا تخلو من زيارة لأسود الحسبة محققين مستعلمين (من اللي معكم، بنسألها كم سؤال). 400 ألف سائح سعودي في دبي في إجازة الأسبوع الواحد، يتوقع مجموع صرفهم أربعة مليارات ريال، أرقام فلكية تصرف في إجازة قصيرة إذا كيف بباقي الإجازات التي تصل لأسبوعين وثلاثة أسابيع؟ وكيف بعطلة الصيف؟ كم تقدر مصروفات السعوديين في سفرياتهم خلال عام واحد؟ لا تقل عن عشرين مليار ريال، رقم كبير لو أنفق نصفه داخل الوطن لساهم في انتعاش الاقتصاد واستحداث آلاف الوظائف. هيئة السياحة مازلت عاجزة عن تطوير السياحة الداخلية، والاستفادة من المليارات التي تصرف في كل عام على السياحة الخارجية، لا يمكن إيقاف السياحة الخارجية هذا أمر حتمي، لكن بالإمكان التقليل منها وتحويل بعض هذه الأموال للداخل للسعودي لتنشيط الاقتصاد، واستحداث الوظائف، والتقليل من البطالة، خصوصا في ظل وجود مقومات سياحية عديدة، أبرزها مدائن صالح، التي لو كانت في بلد آخر لرأيت حولها عدة فنادق ورحلات لا تنقطع للسياح من جميع دول العالم، ولساهمت في ازدهار للمنطقة بأسرها. فلنفترض أن خمسين ألف سعودي فضلوا قضاء عطلتهم في أبها أو جدة، كم من المال سيصرف؟ بحسبة بسيطة لو أنفق كل واحد منهم ألف ريال في اليوم بدون حساب الفنادق والسيارات والطيران، لرأيت خمسين مليون ريال تنفق يوميا لمدة أسبوع سيكون الناتج 350 مليون ريال هو معدل الإنفاق اليومي . السعودية تملك مقومات سياحية كبيرة لو تم توظيفها في المجال الصحيح، وتذليل المصاعب أمام المستثمرين ورجال الأعمال لإنشاء المدن الترفيهية، واستقطاب الوفود السياحية من شتى مدن العالم . كم من الأموال سينفق، كم من فنادق ستفتح، وحجم البيع في المطاعم والمحالات في المدن السياحية سيتضاعف، وستجد حراكا اقتصاديا كبيرا، لكن يجب إقرار تأشيرة للسياحة في السعودية، هذه الخطوة ستكون نتيجتها على اقتصادنا عظيمة لو تم توظيفها بشكل جيد. يجب على مجلس الوزراء تذليل الصعوبات التي تواجه السياحة في السعودية، وإقرار التأشيرة السياحية، وفتح المجال أمام الاستثمار السياحي، وتذليل العقبات التي تواجه المستثمرين السعوديين، فنتيجة مثل هذه الأعمال هي تخفيف من حجم البطالة التي تكلف الدولة رواتب 700 ألف شخص وهناك أضعافهم ممن لا يصرف لهم شيء، نحن غافلون عن نهر جار اسمه السياحة، الانغلاق الذي نعيشه هو مؤشر سيئ ولا يبشر بخير وسيزيد خلال السنوات القادمة إذا لم نستغل جميع مواردنا وأهمها السياحة.