قد يكونون بسطاء؛ لا يملكون سوى ابتسامة ينشرونها بسخاء؛ ولكنهم – بأريحية تعاملهم – وطيبة قلوبهم كرماء ومتسامحون. فلا تنظر إليهم شزراً وأنت قابع «كالجرذ» خلف مقود سيارتك الفارهة؛ مستمتعاً- حسب هواك – بأنغام ال»إف .إم» أو سماع محاضرة «بايتة» يبكي فيها «داعية» على تفشِّي الربا بالأمة فيما تنام ثروته قريرة العين كودائع في «البنوك»! صدقني أنهم لا يعيرون تفاخرك اهتماماً، لأن عالمهم فسيح كالضوء، أما نظرتك الضيقة فهي لا تتعدى المسافة الفاصلة بين بؤبؤ عينيك وعدسة نظارتك الشمسية الباهظة الثمن، فهم استطاعوا فهم معادلة الحياة مبكراً فوصلوا لنهر السعادة قبلك؛ لأنهم أكثر سعياً في الطلب وأكثر صدقا مع الله ثم ذواتهم، أما أنت فانظر إلى حالتك «المزرية» التائهة، لا تستطيع الخطو نحو عوالمهم الخضراء الباسقة؛ لا لأنك «مقعد»؛ بل لافتقاد نفسك البور لخاصية الإنبات، فهي «سبخة» قاحلة مهما حاولت التعويض عن إمحالها بسراب «الكِبر» والغطرسة الذي تداري به ظمأك الداخلي! صحراؤك ستزيد اتساعاً في رحلة ستطول دروبها لأنك خاو من الداخل، كئيب القلب منقبض الحواس، فارغ إلا من هموم عاصفة لا تدري حقيقتها؛ أو كيفية الخروج منها بسلام! بؤساء، معدمون وفقراء من واقع حياتهم وسماتهم، ولكن فقرك «الداخلي» أكثر إيلاماً ووحشة، لأن فاقتهم ظاهرة وعوزك مستتر، وجوعهم قد تسدّه قطعة خبز أو تستر عريهم الأسمال، أما أنت فقل لي بربك: ما الذي سيسد نهمك وجوعك لبهجة حقيقية صادقة؟! وهل ثمة دثار يستطيع ستر «عورة» غبائك؟! لا ترهق نفسك بالإجابة فالجميع يعرفها ويبتسم!