أثارت صورة لمدرسة يمنية تغطيها مئات الصور لقتلى مليشيا الحوثي معظمهم من الأطفال، استياء واسعًا، لدى اليمنيين، وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمئات التعليقات الغاضبة من هذه الجريمة التي تحاول المليشيا شرعنتها وتكريسها كظاهرة إيجابية في أوساط المجتمع اليمني، بالتزامن مع إغلاقها لآلاف المدارس والزج بالطلاب الأطفال في المعارك. ومنذ انقلابها على السلطة الشرعية وسيطرتها على مناطق واسعة للبلاد في 2014 أغلقت مليشيا الحوثي المدارس بشكل متعمد، وفقًا لما أكده الباحث السياسي الدكتور عبده البحش الذي يرى أنها لا ترغب في بقاء النظام التعليمي العصري، حيث تطمح الى إدراج نظام تعليمي ديني جديد يمجد الإمامة ويخلق ثقافة جديدة في أذهان الجيل الحالي تتمحور حول طاعة وولاية العائلة الحوثية. وقال وزير الإعلام معمر الإرياني في تغريدة على صفحته في تويتر مرفقة بصورة المدرسة التي غطتها مليشيا الحوثي بصور قتلاها "”هكذا انحرفت العملية التعليمية في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية عن غايتها وتحولت المدارس إلى أوكار لغسيل العقول ومسخ الهوية وبؤر لتجنيد اطفالنا كوقود للحرب وحائط مبكى لمن يسقط منهم في جبهات القتال”. واعتبر وزير الإعلام إن هذا المشهد المؤلم يؤكد ضرورة حسم المعركة وخطورة استمرار الانقلاب على حاضر ومستقبل اليمنيين، مشيرًا إلى أن "استمرار الصمت على جرائم المليشيا الحوثية بحق الأطفال الذين تخطفهم من منازلهم ومدارسهم وتعيدهم لأهاليهم جثث هامدة يضع علامة استفهام”. وفي تعليقه على الصورة التي راجت في مواقع التواصل الاجتماعي يقول السفير السعودي لدى اليمن محمد سعيد آل جابر إن “هذه المدرسة في صنعاء التي ارغم الحوثي طلابها ليكونوا جنودا لم يعدهم ولا حتى أشلاء.. بل مجرد صور باهته على جدار مهمل”. وأضاف “نعم.. حولوا طاولات الدراسة الى تابوت للموتى ، والقموا الموت زهور البراءة، وحولوا الوطن الى مقبرة.. تلك هي حركة الحوثي لمن لا يعرف”. ويرى الدكتور البحش إن إغلاق المدارس يخدم الأهداف الحوثية الرامية الى تجنيد أكبر عدد من أطفال اليمن واستخدامهم في حروب أهلية تفتت الوحدة الوطنية وتمزق النسيج الاجتماعي اليمني وتبدد الآمال المستقبلية. وتشير تقديرات لمنظمات محلية وأممية إلى أن قرابة 3600 مدرسة أغلقت، بسبب الحرب التي تشنها مليشيا الحوثي، مما يجعل مجموع الأطفال غير الملتحقين بالمدارس أكثر من 3.4 مليون طفل، ليسهل للمليشيا استقطاب الآلاف منهم والزج بهم إلى محارق الموت. وبالعودة إلى صورة المدرسة المغطاة بصور لقتلى المليشيا، يقول جمال بن عطاف إن “الحوثي يرفع صور طلاب احد المدارس على جدران مدرستهم التي اخرجهم منها إلى جبهات القتال ولم يعودوا الا جثث هامدة”. وأضاف بن عطاف وهو أحد الناشطين على موقع التدوين المصغر “تويتر” متسائلاً “اينك يا منظمة اليونيسف هذه صور أطفال لمدرسة واحدة فكيف بقية المدارس إنها جريمة ضد الطفولة”. فيما يقول السياسي والكاتب اليمني علي البخيتي، في تعليقه على ذات الصورة “هكذا أصبحت المدارس في عهد الحوثيين ، عبارة عن مشاريع للموت والدمار، بدلاً من أن تكون المدارس مشاريع للحياة والبناء”. ويؤكد البخيتي وهو قيادي سابق في مليشيا الحوثي قبل أن يعلن انشقاقه عنها إن الحوثي “يعمل على ترسيخ ثقافة الموت، والقتال في صفوف الطلاب، وزرع ثقافة الطائفية والعنصرية، للقضاء على جيل بأكمله”. وتفيد تقارير أصدرتها منظمات محلية أن الحوثيين استغلوا الوضع المأسوي الذي يعاني منه اليمنيون بسبب الحرب التي أشعلتها المليشيا الانقلابية، وفتحوا مراكز تجنيد للطلاب في مختلف المدن والمحافظات الواقعة تحت سيطرتهم وجندوا ما يقارب 25 ألف طفل. ويتم اخضاع الطلاب ومعظمهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم 15 سنة، لدورات ثقافية دينية مكثفة وقصيرة، كما يتم تدريبهم على استخدام السلاح والمهارات القتالية الأخرى ومن ثم إرسالهم إلى جبهات القتال، وهذا ما يعرض الكثير منهم للقتل أو الإصابة أو الوقع في الأسر. ويؤكد باحثون أن المليشيا الحوثية تواصل عمليات تجنيد أطفال، لحاجتها إلى مقاتلين من نوع خاص، خاضعين لها ويلبون تعليماتها دون تفكير أو تردد، وهو ما دفعها إلى تكوين جيش قوامه الأطفال، الذين يتربون على الطاعة العمياء لقادة المليشيا، والدفاع عن مشروعها الطائفي والسلالي، وإن كلفهم ذلك حياتهم. ويرى الباحث السعودي حمدان الشهري إن تجنيد الأطفال يكشف عن استراتيجية بعيدة المدى هدفها إيجاد جيل من المقاتلين الشرسين، الذين يقاتلون منذ نعومة أظفارهم، مما يربي في نفوسهم القسوة والحدة والغلظة الكره والبغض لكل المجتمعات المسالمة والهادئة، وهو ما يجعلهم يؤمنون بالإرهاب والقتل والتدمير، ويتشربون الحقد على الآخرين.