من الشارقة ، من الشمس المشرقة، منذ 5000 سنة، حسب خريطة الجغرافي اليوناني بطليموس، من مكان يشع منه الضياء، يجتمع الكتاب والأدباء، هنا ثلة من العلماء، وهناك عدد من الشعراء، الحرف سيد المنبر، يتمايل من العزة والفخر، حِكَم وعِبَر، قَصص وشِعْر، وحشد من البشر يتجمهر، في معرض بالكتب يزخر. ضرورية تلك المقدمة الساجعة، لأننا في حضرة الثقافة، وفي عاصمتها، ولا يمكن لنا، اليوم، إلاّ عنها نتحدث. كان يقال عنا "أننا أمة لا تقرأ"، لا أستطيع التحقق من هذا القول، الآن، لكن أخبروا قائلها، عني، أننا أمة تكتب وتقرأ، وتسافر من أجل الكتاب في طول الوطن العربي وعرضه، وأحياناً في معارض أخرى، في أماكن أخرى من العالم. هنا في معرض الشارقة الدولي للكتاب، لا تستطيع اللحاق بكل الفعاليات، لا تستطيع أن تجوب جميع أجنحة المعرض في يومين أو ثلاثة، لا تستطيع قراءة العناوين، فقط العناوين، ليوم كامل، لقد قاربت مليوني عنوان، لا يمكنك الخروج بسلتك فارغة، وإن كان، وذلك نادر، فقد ينقل ذهنك الكثير من المشاهدات الثقافية، وسيعيدها لك عقلك " اللاواعي" ذات يوم. شهادة حق، ينبغي أن نشيد بجهود القائمين على المعرض، وما تقدمه تلك الإمارة " الشارقة" من ضياء وخدمات رائعة لزوارها في معرض الكتاب، وفي مواقع أخرى من الإمارة، روعة الشطآن، وجمال الطبيعة، إضافة إلى طبيعة الناس المضيافة، هي ما تضيف جمالاً على جمال في كل ركن من أركان الشارقة، بشمسها الهادئة، التي تبعث الدفء والضياء ليس إلاّ. جميل أن يلتقي كتّاب اليوم بكتّاب الأمس تحت سقف واحد من خلال عناوينهم المتنوعة، فتراك تقرأ لامرئ في صدر الإسلام ولآخر من عصر " النانو"، تلتقي بشاعر جاهلي وبآخر أندلسي وبثالث من هذا العصر، تقارن ثقافة الغرب من خلال روايات مارك توين مع عبده خال وعلوان وغيرهما، هذه ميزة معارض الكتاب، إلى جانب الفعاليات الثقافية الأخرى. سأذكر لمعرض الشارقة مناسبة توقيع كتابي " رسائل معرفية"، عصارة أفكار وخلاصة خبرات، وتوقيع روايتي " العودة إلى قُبالة"، الضلع الأول لثلاثية قبالة، كما حفظت ذكرى معرض الرياض في العام الماضي وتوقيع كتابي " من وحي قلم يهتف". لعلنا نلتقي في الكويت أو بيروت أو في كليهما معاً، وكل معرض كتاب وأنتم بخير!