يأتي تهديد الحركات الشبابية في فلسطين بثورة ضد حكومتي «فتح» في الضفة الغربية و»حماس» في قطاع غزة في ذكرى يوم الأرض نهاية مارس الجاري؛ ليوضح بجلاء مدى الأسى الذي يشعر به أبناء الشعب الفلسطيني جراء استمرار الانقسام السياسي، الذي أدى لوضع المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي في المؤخرة فيما أصبحت القضية الأكثر إشغالا للفلسطينيين، وخاصة الشباب المتأثر بالربيع العربي، هي كيفية إيجاد وسيلة لإنهاء الانقسام الذي بدأ قبل خمس سنوات حتى لو كان الحل هو الخلاص من طرفيه. لقد ساهم الانقسام، وما خلَّفه من أزمات اقتصادية واجتماعية تتفاقم مع مرور الوقت، في زيادة الضغوط على المواطن الفلسطيني، وهو يرى المواطن العربي يثور في تونس ومصر وليبيا وسوريا رفضاً لظلم جهة واحدة هي السلطة الحاكمة في هذه الدول، فماذا عن حاله وهو يتعرض لضغط من ثلاث جهات، الاحتلال، حكومة الضفة وحكومة غزة. معاناة الفلسطينيين لم تتوقف عند حد تفشي البطالة والغلاء وعدم توافر الوقود والمسكن المناسب، وإنما تجاوزته لتصل إلى إهانة المواطنين على يد أجهزة الأمن سواءً الفتحاوية أو الحمساوية، وهو ما كشفه ناشطون حيث أكدوا تعرضهم للاعتقال والتعذيب على أيدي رجال الحركتين، ما يعني وصول العلاقة بين السلطة «المنقسمة» والشارع لأسوأ مراحلها. بدأ الشباب الفلسطيني في التحرك ضد فرقاء السياسة يصب بالدرجة الأولى في المصلحة الإسرائيلية، إذ كلما زاد انقسام وتفكك الجبهة الداخلية في فلسطين قل الضغط على الاحتلال، وهو ما يستلزم إسراع قيادات فتح وحماس في إتمام المصالحة الوطنية وتشكيل الحكومة الجديدة بموجب اتفاق الدوحة الأخير، بما يقطع الطريق أمام أية محاولات تبذلها إسرائيل لإزكاء روح التشرذم الفلسطيني في الداخل. إن الظرف الداخلي يفرض على الحركتين الآن، وأكثر من أي وقتٍ مضى، التجاوز عن الخلافات مهما بدت عميقة، والعمل بروح التوافق لمجابهة الأزمة والتهيئة لحوار وطني يستوعب بقية الفصائل بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة، كي لا تكونا في حاجة إلى تصعيد إسرائيلي جديدة ضد غزة توقف الحراك الشبابي حتى إشعار آخر.