بعد أقل من أسبوعين على استفتاء انفصال كاتالونيا، قد تدخل الجلسة المزمعة اليوم لبرلمان الإقليم التاريخ فيما لو قرر رئيس الإقليم إعلان الاستقلال من جانب واحد. ويواجه الرئيس معارضة في الإقليم نفسه وتهديدات من مدريد. تقترب إسبانيا من المجهول اليوم الثلاثاء؛ مع إعلان "استقلال" محتمل لكاتالونيا إحدى أغنى مناطق البلاد، ما سيفاقم التوتر مع مدريد ويدخل البلاد في أسوء أزمة تهدها في عصرها الحديث. ولم يعد لدى الكاتالونيين المنقسمين إلى معسكرين متساويين بشأن الانفصال سوى سؤال واحد: هل سيعلن كارليس بوتشيمون استقلال الإقليم من جانب واحد كما يهدد، أم انه سيبطئ مسيرته أو يتراجع؟ وسيرد الصحافي السابق، البالغ من العمر 54 عاما والاستقلالي منذ أن كان شاباً، على هذا السؤال أمام برلمان كاتالونيا عند الساعة 18:00 (16:00 ت غ) في جلسة سيتحدث فيها عن نتائج الاستفتاء الذي جرى في الأول من أكتوبر وصنّفته المحكمة الدستورية العليا على أنه "غير القانوني". وذكرت وسائل إعلام إسبانية أن بوتشيمون كتب وأعاد صياغة خطابه طوال نهار الاثنين، محاطاً بمستشاريه ومتردداً بين أنصار الرحيل بلا تردد والذين يخشون أن يكون العلاج، أي الاستقلال، أسوأ من العلة نفسها وهي "وصاية مدريد". لكن معسكر بوتشيمون شجعه على المضي قدما في خطته بتظاهرة كبيرة يشهدها محيط البرلمان . معسكر "لا" في البيت الكاتالوني ومدريد تتوعد. وفي المقابل، عبرت رئيسة بلدية برشلونة، ادا كولاو، وهي يسارية واسعة النفوذ، عن معارضتها لإعلان الاستقلال. وهتف مئات الآلاف من الكاتالونيين المعارضين للاستقلال في تظاهرة كبيرة الأحد "كفى!" وهذه الكلمة استخدمتها أيضاً أكبر منظمة لأرباب العمل "فومنت ديل تريبال" بعدما قررت خمس أو ست شركات كاتالونية مدرجة في مؤشر الأسهم في البورصة، نقل مقرها إلى خارج المنطقة. وفي مدريد حذر رئيس الحكومة المحافظ ماريانو راخوي، من أن إعلان استقلال أحادي يمكن أن يدفعه إلى تعليق الحكم الذاتي الذي يتمتع به الإقليم، في إجراء لم يطبق يوماً في هذه المملكة البرلمانية التي تتمتع بحكم لامركزي واسع. وهو يملك أدوات أخرى بما أنه سيطر على مالية المنطقة في سبتمبر. ويمكنه أيضاً فرض حالة طوارئ مخففة تسمح له بالتحرك بمراسيم. ومن جانبها قالت نائبة رئيس الحكومة الإسبانية سورايا ساينز دي سانتاماريا، لدى سؤالها عن تطبيق المادة 155 من الدستور التي تتيح تعليق العمل بالحكم الذاتي في كاتالونيا، "إذا أُعلن الاستقلال من طرف واحد، فالحكومة لن تبقى مكتوفة الأيدي". أشباح الماضي ومسائل عالقة ويسود هذا التوتر في كل إسبانيا حيث تعود أشباح الماضي ودكتاتورية فرانسيسكو فرانكو (1939 -1975) عندما دافع "قوميون" عن وحدة البلاد. ويعيش في الإقليم 16 في المئة من سكان إسبانيا ويعادل في مساحته بلجيكا. وتساهم كاتالونيا ب19 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي للبلاد. ولا تزال العديد من المسائل عالقة حول كيفية تحقيق مثل هذا الاستقلال، فالإقليم يتمتع أصلا بحكم ذاتي في ما يتعلق بالتعليم والصحة والشرطة والضرائب لكن المجال الجوي والبنى التحتية (المرافئ والمطارات وشبكة السكك الحديد والاتصالات وغيرها) والجيش، لا تزال تحت سيطرة الحكومة المركزية في مدريد. كما أن الاتحاد الأوروبي لن يعترف بهذه الدولة التي ستستبعد تلقائياً من عضويته. وأكد جان كلود بيريس المدير السابق للخدمات القضائية في مجلس أوروبا أن "إعلاناً أحادياً للاستقلال (…) هو مجرد إعلان لا بد أن تعترف الدول الأخرى به".