طلبت الحكومة الاسبانية من المحكمة الدستورية اليوم (الاربعاء)، الغاء التصويت في البرلمان الكاتالوني على مشروع قانون يحدد اسس الاستفتاء حول استقلال الاقليم عن اسبانيا، المقرر ان يجري في الاول من تشرين الاول (اكتوبر) المقبل. ويأتي توقيت المواجهة التي تلوح في الافق بعد ثلاثة أسابيع من هجمات شنها متشددون ادت الى مقتل 16 شخصا وجرح اكثر من 120 آخرين، في برشلونة عاصمة اقليم كاتالونيا وفي منتجع بحري في بلدة كامبريلس الساحلية القريبة. ووافق البرلمان الكاتالوني اليوم على اجراء تصويت على مشروع القانون المثير للجدل بأكثرية 72 صوتا مقابل 60 وامتناع ثلاثة نواب، وسط استهجان معارضي استقلال المنطقة الغنية الواقعة في شمال شرقي اسبانيا. ومن المتوقع ان يقر النواب المؤيدون للاستقلال، والذين يشكلون غالبية في البرلمان، مشروع القانون في وقت لاحق من اليوم، متجاهلين حكماً اصدرته المحكمة الدستورية الاسبانية التي اعتبرت ان مشروع القانون المطروح غير دستوري. في المقابل، اعلنت الحكومة الاسبانية انها «طلبت من المحكمة الدستورية اعلان بطلان الاجراءات» التي وافق عليها البرلمان الكاتالوني اليوم واعتبارها لاغية، بحسب ما اعلنت نائبة رئيس الحكومة سورايا ساينز دي سانتاماريا في مؤتمر صحافي. ونددت دي سانتاماريا بموافقة البرلمان على التصويت من دون مناقشة مستفيضة واعتبرته «عملاً عدوانياً» يحمل سمات «الأنظمة الديكتاتورية». واضافت في مؤتمر صحافي دعت اليه في شكل عاجل «ما شهدناه اليوم في كاتالونيا هو دوس على الديموقراطية وعلى الكاتالونيين وعلى اللياقات السياسية». كذلك اعلن مكتب الادعاء العام انه سيوجه اتهامات جنائية بالعصيان ضد رئيس برلمان كاتالونيا كارمي فوركاديل ومسؤولين آخرين على خلفية سماحهم على التصويت على قانون الاستفتاء. وكتب رئيس البرلمان الكاتالوني في تغريدة على «تويتر» انه طلب نزع الاهلية عن قضاة المحكمة الدستورية معتبراً اياهم «امتداداً لحال فقدت كامل شرعيتها». وغالبية قضاة المحكمة الدستورية تمت تسميتهم من قبل نواب محافظين. ولمنطقة كاتالونيا التي يبلغ عدد سكانها 7,5 ملايين نسمة لغتها الخاصة وثقافتها وتغطي مواردها الاقتصادية 20 في المئة من الناتج الاسباني، وتتمتع بتأثير كبير على شؤون التربية والصحة والرفاه. الا ان الركود الاقتصادي في اسبانيا والشعور لدى الكاتالونيين بان ما يسددونه من ضرائب يفوق ما يحصلون عليه من استثمارات وتمويل من مدريد ساهما بشكل كبير في جعل قضية الانفصال محور الحياة السياسية في الاقليم بعد ان كانت مجرد قضية هامشية. وتصاعدت النزعة الاستقلالية بعد 2010 عندما الغت المحكمة الدستورية التي لجأ اليها المحافظون «الوضع» الذي منح لكاتالونيا في 2006 ويمنحها صلاحيات واسعة وصفة «أمة». وفاز النواب المؤيديون للاستقلال بالغالبية المطلقة في البرلمان الكاتالوني الذي يتألف من 135 مقعدا للمرة الاولى في انتخابات ايلول (سبتمبر) 2015. وتعهدت الحكومة التي انبثقت عن تلك الانتخابات اطلاق عملية الانفصال عن اسبانيا. ووعد راخوي بزيادة الاستثمارات وأرسل مراراً مساعده الى الاقليم من دون إجراء اي إصلاحات فعلية لحل مشكلة ازدواجية السلطات التي تثير قلق سكان كاتالونيا. وقالت خبيرة شؤون الحركات الاستقلالية الاسبانية في جامعة «آستون» البريطانية كارولين غراي ان مدريد كانت لتتفادى تصاعد النزعة الانفصالية لو انها طرحت اتفاق تمويل جديدة قبل سنوات من الآن. وأضافت غراي: «شخصياً أعتقد اننا ما كنا لنواجه ما نواجهه اليوم لو كان طُرح سابقاً نوعٌ من الاتفاق». وتظهر استطلاعات الرأي انقساماً متعادلاً حيال الاستقلال في كاتالونيا. الا ان غالبية تفوق 70 في المئة تريد اجراء استفتاء للبت في هذه المسألة. ويقول المهندس المتقاعد رامون سان مارتن (67 عاماً) امام مقر البرلمان: «آمل بأن يسمحوا لنا بالتصويت». ويتابع سان مارتن: «نريد كاتالونيا افضل، ذات موارد اكبر. نحن نشعر ان مدريد تقيدنا». ويرفض راخوي السماح للكاتالونيين باجراء استفتاء يشبه ذلك الذي اجرته اسكتلندا في 2014 للاستقلال عن بريطانيا الذي وافقت عليه لندن وفاز رافضو الاستقلال فيه. ويعتبر حزبه المحافظ مثل القضاء، ان الدستور الاسباني لا يجيز للمناطق الاسبانية بان تتخذ قراراً في شان السيادة من جانب واحد. واجرت الحكومة الكاتالونية في 2014 استفتاء رمزياً على الاستقلال. وصوت أكثر من 80 في المئة من المشاركين في الاستفتاء على الانفصال عن اسبانيا علماً بأن 2,3 ملايين شخص شاركوا في الاستفتاء من اصل 5,4 ملايين تحق لهم المشاركة.