باتت دولة إسبانيا على شفا تمزق يهدد أسس ديموقراطيتها الحديثة، مع تعهد رئيس إقليم كاتالونيا إعلان الاستقلال من جانب واحد خلال أيام، بعدما صوّت أكثر من مليوني ناخب لمصلحة الانفصال في استفتاء حظرته مدريد الأحد الماضي، وشارك فيه 43 في المئة فقط من إجمالي عدد الناخبين، ما يشير إلى انقسام سكان كاتالونيا أنفسهم على تأييد الاستقلال. ودعت مجموعة من الكاتالونيين المعارضين للاستقلال إلى تظاهرة مضادة في برشلونة الأحد، أيدها الفرع الكاتالوني من الحزب الشعبي الحاكم في إسبانيا. وفي تحدٍ لتحذير الملك فيليبي السادس المسؤولين الانفصاليين في كاتالونيا «من تعريض الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للإقليم ولإسبانيا كلها لخطر، بعدما وضعوا أنفسهم على هامش القانون والديموقراطية»، وتشديده على وجوب أن «تكفل الدولة النظام الدستوري»، صرح رئيس الإقليم كارليس بيغديمونت: «أشعر بأنني رئيس دولة حرة اتخذ فيها ملايين الناس قراراً مهماً». وأوضح أن «الأمر سيحسم بعد جمع الأصوات من الخارج بحلول الإثنين» الذي سيشهد وفق مصادر في حكومة كاتالونيا عقد برلمان الإقليم الذي تسيطر عليه الأحزاب الداعمة الاستقلال، للتصويت على إعلان الانفصال، والذي قد يحصل خلال يومين. واعتبر بيغديمونت أن معارضة الحكومة المركزية في مدريد استقلال كاتالونيا «سيشكل خطأ جديداً يضاف إلى لائحة طويلة من الأخطاء»، علماً أن المادة 155 من الدستور الإسباني تمنح الحكومة المركزية حق إجبار إقليم على احترام واجباته الدستورية إذا انتهكها أو إذا شكل خطراً كبيراً على المصلحة العامة للدولة. ووضعت المحاكم الإسبانية قادة شرطة كاتالونيا والقادة المدنيين المؤيدين للاستقلال رهن التحقيق بتهم «ممارسة التحريض»، فيما لم يدلِ رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي بأي تعليق منذ الأحد، لكن خطاب الملك الداعي إلى «فرض سلطات الدولة النظم الدستورية وسير المؤسسات بصورة طبيعية واحترام دولة القانون والحكم الذاتي لكاتالونيا»، قد يفتح الطريق أمام راخوي لاتخاذ أي إجراء. وعلّق الناطق باسم الحكومة الكاتالونية جوردي تورول على خطاب الملك فيليبي السادس الذي جاء بعد ساعات على تظاهر مئات الآلاف في برشلونة ضد عنف الشرطة الوطنية في يوم الاستفتاء الأحد، والذي أسفر عن مئات من الجرحى، بأنه «سيئ، وخطأ من النواحي كلها». وأضاف: «بدلاً من تهدئة الأمور صب الملك الزيت على النار». وناقش الاتحاد الأوروبي الأزمة. وناشد رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك رئيس الوزراء الإسباني «البحث عن سبل لتجنب التصعيد واستخدام القوة في كاتالونيا»، فيما دعا فرانس تيمرمانس نائب رئيس المفوضية الأوروبية، إلى «حوار إسباني داخلي يحترم الدستور بهدف حل الأزمة». كذلك، حضت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر ناورت، كل الأطراف في إسبانيا على حل خلافاتها السياسية «بلا عنف وبطريقة تتفق مع القانون»، مؤكدة حزن واشنطن الشديد من التقارير عن جرح مئات في يوم الاستفتاء. وفي ألمانيا، أكد شتيفن زايبرت الناطق باسم المستشارة أنغيلا مركل، ضرورة أن تحرص مدريد على سيادة القانون حفاظاً على الاستقرار، متجنباً إدانة تصرفات الشرطة الإسبانية. ووصف زايبرت الخلاف بين مدريد وكاتالونيا بأنه «شأن داخلي يجب أن يُعالج في إطار الدستور الإسباني والنظام الديموقراطي».