لا شك أن استقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، للقيادي العراقي رجل الدين الشيعي (الشجاع) مقتدى الصدر، له دلالاته وأبعاده، إن على الصعيد السياسي أو الديني أو قل هما معاً، لعل أبرزها أن المملكة لطالما آلمها أيما ألم ما آلت إليه بلاد الرافدين، جراء عبث النظام الإيراني الجائر وأطماعه (البوهيمية) وأذرعه المتشيطنة، فالمملكة حريصة على التئام جروح وندوب الكيان العراقي والحفاظ على مكوناته، بوصفه بيتا عربيا وجارا شقيقا لا يمكن بحال تركه لعبث إيراني غاشم، ومن أبرز الدلالات كذلك وإن شئت المؤشرات، أن المملكة تسمو على تسييس الدين وتنأى عن (التطييف) بقدر اهتمامها لإعادة العراق للسقف العربي، وهذا يفند ادعاءات وخزعبلات النظام الإيراني، الذي ما انفك يروج لها عبر أبواقه وزبانيته ومن لف لفهم، وفي الحين ذاته دلالة لا بل رسالة لإيران بأن من يتحالف مع المملكة أو أقله يهادنها بوصفها تنتهج سياسة رصينة وتترفع عن الترهات، بأنه سوف يبقى معزولا منبوذا طال الزمان أو قصر. وبطبيعة الحال الرسالة موصولة لدولة قطر، التي يجب أن تعقلن سياستها. كما لا يفوتنا في استجلاء الدلالات أن العراق وإن استميل لجهة النظام الإيراني في الحقبة الآنفة إن بسبب اهتراء كيانه ونهب موارده (وهذا أيضا بفعل النظام الايراني)، إلا أن العراق حكومة وشعبا وبمختلف أطيافه وانتماءاته قد استفاق واستدرك خطورة الانسياق العدمي وراء أطماع وطموحات ملالي ايران، وتفهموا مليا بأن مصلحة وطنهم ولملمة أواصره فوق أي اعتبارات، ولعل السبب الجوهري لهذه الاستفاقة (البديهية) رؤيتهم للشعب الإيراني الذي ما انفك يتلظى الضيم والفاقة والجور، فكيف الحال لجهة العراق الذي يعتبر العدو اللدود للنظام الإيراني، وهذه أيضا رسالة (تذكيرية) لقطر تسترعي الانتباه فهل من قراءة استيعابية.