غرقت قطر في عزلة لن تخرج منها بسهولة بعد أن نفد الصبر وانقطعت علاقاتها بثماني دول، هي السعودية، الإمارات، البحرين، مصر، اليمن، ليبيا، جمهورية موريشيوس، وجمهورية المالديف. وأعلنت السعودية قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع قطر، في خطوة لحماية أمنها الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف. وشمل القرار الذي أعلنه مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية صباح أمس، إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية كافة، ومنع العبور في الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية السعودية. وعزا المصدر المسؤول القرار إلى ممارسة المملكة «حقوقها السيادية التي كفلها القانون الدولي، والبدء بالإجراءات القانونية الفورية للتفاهم مع الدول الشقيقة والصديقة والشركات الدولية لتطبيق ذات الإجراء بأسرع وقت ممكن لوسائل النقل كافة من دولة قطر وإليها، وذلك لأسباب تتعلق بالأمن الوطني السعودي». وفيما اتخذت كل من الإمارات، البحرين، ومصر، خطوات متطابقة مع الموقف السعودي، أعلنت وزارة الخارجية في حكومة شرق ليبيا، أمس، أن الحكومة حذت حذو دول عربية وإسلامية وقررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر. وأعلنت جزر المالديف قراراً مماثلاً «بسبب رفضها الشديد لدعم الإرهاب»، مشددة على أنها قطعت العلاقات الدبلوماسية مع قطر «بسبب معارضتها الشديدة للأنشطة التي تشجع الإرهاب والتشدد». وقالت وزارة الخارجية في بيان إن قرار قطع العلاقات جاء بسبب «معارضتها القوية للأنشطة التي تشجع على الإرهاب والتطرف». وأضافت أن «المالديف تشدد على التزامها بالعمل مع الدول التي تعزز السلم والاستقرار، وتؤكد التضامن في الحرب على الإرهاب». وفي تعليق على عزلة قطر، قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، أمس، إن «هناك إقراراً بأن كثيراً من سلوكيات قطر مثير للقلق، ليس فقط بالنسبة إلى جيرانها في الخليج، بل للولايات المتحدة أيضاً». وأضاف: «نريد إعادتها إلى الاتجاه السليم». وقال نائب مدير إدارة الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي، عظيم حسين، إن التأثير الاقتصادي عن العزلة الدبلوماسية التي تواجهها قطر «يتوقف على مدى عمق وطول الاضطرابات في حركة التجارة وفي التدفق المالي ومستويات الثقة، وتأثير ذلك على منطقة الشرق الأوسط». وانخفضت السوق المالية القطرية يوم أمس أكثر من 7 في المائة، وسط توجه ملحوظ نحو عمليات التخارج، وهو الأمر الذي دفع كثيرا من أسهم الشركات للإغلاق على انخفاضات بالنسبة القصوى عند 10 في المائة، فيما أغلق مؤشر السوق عند أدنى مستوياته منذ 18 شهرا. والمتتبع للمشهد الاقتصادي الحالي، يجد أن إغلاق المنافذ البرية، والبحرية، والجوية، على قطر من قبل السعودية، والإمارات، والبحرين، سيكون ذا تهديد واضح على الحركة التجارية القطرية، مما يعني أن قطر ستنفق فواتير أعلى للإيرادات، وهو ما سيكلفها مليارات الدولارات غير المحسوبة ضمن موازنتها السنوية، ليواجه الاقتصاد القطري هزة عنيفة لم يعرف لها مثيلا منذ قيام الدولة. ومن المتوقع أن يشهد التصنيف الائتماني لدولة قطر تهديدات جديدة، حيث خفضت «موديز» الأسبوع الماضي التصنيف الائتماني لدولة قطر، نتيجة لارتفاع حجم الدين العام، إلا أن قطع السعودية والإماراتوالبحرين ومصر لعلاقاتها مع قطر، من المتوقع أن يزيد من حجم المصاعب الذي ستواجهه الدوحة على صعيد التصنيف الائتماني. ويهدد سيل من المؤثرات الاقتصادية السلبية الجارفة موازنة قطر، وذلك نتيجة قطع السعودية علاقاتها مع الدوحة، التي تبعتها مقاطعة سبع دول أخرى، وسيكون القطاع المالي الأكثر تأثرا بالمقاطعة، لما لذلك من أثر مباشر على شلّ الحركة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية. ويمتد الأثر السلبي للمقاطعة إلى تعطيل مشروعات البنى التحتية، في ظل توقعات بانسحاب أكثر من 388 شركة سعودية من السوق القطرية، يقدر حجم استثماراتها بمليارات الدولارات، وفي مقدمتها شركات المقاولات التي يعني خروجها توقف مشروعات البنى التحتية بقطر. وأعلنت هيئة الطيران المدني السعودية أمس رسميا إعلاق الأجواء السعودية ومنع جميع شركات الطيران القطرية وطائرات دولة قطر من الهبوط في مطارات السعودية، فيما شطبت شركات الطيران والنقل البري والبحري العاملة في كل من السعودية، الإمارات، البحرين، ومصر الدوحة من جداول الرحلات. وأكدت الهيئة منع جميع شركات الطيران التجارية والخاصة المسجلة في السعودية من التشغيل الى قطر، المباشر أو غير المباشر، وشددت على أن تنفيذ قرار المنع بشكل فوري، كما شددت في الوقت نفسه على منع جميع شركات الطيران القطرية وطائرات قطر من عبور أجواء المملكة اعتباراً من اليوم. وأعلنت شركات الطيران الإماراتية، وهي: فلاي دبي، طيران الإمارات، وخطوط الاتحاد عن إيقاف رحلاتها إلى قطر، كما علقت شركة العربية للطيران رحلاتها الجوية بين الشارقة والدوحة اعتبارا من الثلاثاء. واتخذت شركة مصر للطيران قرارا مماثلا تم بموجبه منع الرحلات من وإلى الدوحة. أكد الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، أنه على «اتصال مستمر» باللجنة المنظمة لكأس العالم 2022 في قطر، رغم أنه لم يعلق مباشرة على الأزمة الدبلوماسية الحالية، وسط أنباء تتحدث عن أن البطولة مهددة بقرار مرتقب من ما لم تتغير الأحوال قبل نهاية العام الحالي. وقال الاتحاد، في بيان عبر البريد الإلكتروني، إنه على «اتصال مستمر باللجنة المنظمة المحلية لكأس العالم 2022 واللجنة العليا للمشاريع والإرث المسؤولة عن البطولة». وأضاف: «لا يوجد أي تعليقات إضافية في الوقت الحالي». وتردد كثيرا أمس بأن الوضع الحالي والعزلة التي تعاني منها قطر ستكون مؤثرة على استضافة قطر لكأس العالم، وذلك في حال استمرار المقاطعة لسنوات، إذ ربما يقوم «الفيفا» بوضع مهلة زمنية لما يجري الآن، ومن ثم اتخاذ قرار في صالح البطولة في حال عدم رجوع علاقات الدول المحيطة بقطر إلى وضعها الطبيعي. ومن جهة ثانية، ربما لا يكتب للنسخة المقبلة لكأس الخليج لكرة القدم أن تقام في موعدها المقرر في ديسمبر المقبل في العاصمة القطريةالدوحة، بسبب القرار الجماعي الذي اتخذته دول السعودية والإماراتوالبحرين واليمن أمس ضد نظام قطر.