بعدما كنا نستعيد قصص وحكايات جحا بشيء من الطرافة والإمتاع، أصبحنا نقف مذهولين أمام أشكالها وصورها الجديدة؛ فقد أضحت من نوع الكوميديا السوداء المغرقة في الضحك حد البكاء. وواحدة من تلك الحكايات حكاية مسمار جحا التي لم تزل صورها تتوالى بتنوع يدهش العقول ويحير ذوي الألباب. لم يعد المسمار حديدا يدق على جدار، وإنما صار وهما يزرع في الطرقات وتخويفا يسري في النفوس. صناعة عدو وهمي أو حقيقي لافرق طالما كانت النتائج واحدة. مسمار جحا الجديد يجعل ماتمده يمناه محجوبا بيسراه، ومايبشر به من أمل في الصباح تطويه كوابيس المساء حتى تستعيده ثانية في الصباح ليكتسحه الظلام مجددا.. حينها ستبقى أسيرا مكبلا بين مسلوب الإرادة والقرار، فاقدا عدالة التكافؤ عند الحوار. عندها لاتملك خيارا وإن بدوت في ساحة الاختيار، ولا تستطيع أن ترفض الابتزاز وإن بدوت حرا في تحديد المسار!! وهكذا.. تتعدد المسامير الجحوية بتعدد الجدارات، وتتنوع القصص والحكايات بتنوع الشخصيات، ولكن الراوي العليم واحد لايتغير؛ إذ بيده خيوط الحكاية وحبكتها وحركة الشخوص ووقفتها. عندها ستضحك ضحكا يشابه البكاء أو لنقل ستبكي بكاء حتم عليك أن تستره بالضحكات! نبضة قلب: ما أصعب الهواء الذي تستنشقه مختلطا بالمسامير!