من المدهش حقا أن تجسد طفلة صغيرة لا يتجاوزعمرها 12عاماً نظرية عظيمة من نظريات تطوير الذات! نعم هذا ما حدث عندما طرقت طفلة الباب تصحبها طفلتان أخريان قرابة عمرها، فقمت بفتحه، وفي عيني أكثر من سؤال؟ لم أنتظر طويلا لأحظى بإجابة، بادرتني بابتسامة وتحية جاذبة جعلتني أبتسم لها وأتلهف لسماعها.. فاجأتني بأسلوبها اللبق وحديثها المنظم فبعد أن ألقت التحية،عرفت باسمها، وهدفها من الزيارة، وقالت: لقد حصلت على شهادة في بعض الأعمال التي تمكنني من مساعدتك في إنجاز مهامك مقابل المال، وأنا أصطحب صديقتي من أجل أن أدربهما! هنا جالت عيناها بذكاء حاذق في البيت فوجدت طفلتي تلعب وحدها فقالت: على سبيل المثال بإمكاني أن أجالس طفلتك إن لم يكن لديك وقت لأخذها للحديقة، وبعد أن تألفيني أصحبها تحت رعاية أمي، أو إن كنت تريدين أن أحضر مستلزماتك من السوبر ماركت أو ألقي نفاية المنزل في المكان المخصص، أو آخذ كلبك للنزهة! لك الخيار؛ فإن راق لك عرضي هذا هاتف أمي من أجل عقد اتفاق على الوقت، والمال إزاء كل خدمة أقدمها لك خمسة دولارات. انتهت الحكاية، وتبقى الدرس الجميل، إذ أتقنت تلك الطفلة بكفاءة فن التسويق الذاتي معتمدة على مهارتها، معززة ثقة الزبون بتوضيح مستوى الجودة لديها كونها مدربة ولديها شهادة وهذا مبدأ مهم يضفي الواقعية على العرض أيضا حافظت على مبدأ الكرامة فأعطت الحرية في قبول العرض أو رفضه بمنتهى العزة الذي لا يتقنه كثير من المسوقين لذاتهم فيتمادون في الإلحاح بإذلال مما يجعل الزبون ينفر منهم، وهي بعرضها عززت ثقافة العمل بلا تحرج، وهذا يغير الثقافة السائدة التي تعيب وتستنقص أخذ أجر على بعض الخدمات، لا سيما أننا شعب متكافل نميل للمساعدة بلا أجر مع أنه لا يمنع عند العمل المقنن أن نطالب به وقد أوضحت من خلال عرضها نقطة مهمة ألا وهي وجوب امتلاك الشهادة والمهارة للعمل المسوق له مع شرح آليته وخطة تنفيذه، ومحاور تفاوضه. إن من المثمر تعليم النشء إتقان التسويق للذات بطريقة مهذبة وحرفية حتى ينالوا الثقة بعروضهم. وكيف لا يرحب الزبون بعرض يرضيه من حيث الجودة والمصداقية؟!