يبدو أن موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بات مساحة ضخمة لا يمكن التنبؤ بما يمكن اكتشافه فيه أو حدود لهذه الاكتشافات. فكلما وجدت «ظاهرة» توقع ألا تكون آخرها، سواء أكانت مبتكرة أم منقولة من أرض الواقع، ليوحي الأمر بأن كل الأعمال في حاجة إلى «بلورة» رغبةً في ميزات هذا الفضاء الإلكتروني. فثقافة «التحريج» لم تكتفِ بساحاتها وقاعاتها ومواقعها التقليدية، لتنتقل إلى مكان يمكن أن يجمع ملايين المسوّقين والمتسوقين مستبدلة صوت «المحرّج» بآلاف التغريدات التي لا ينقطع نفسها. تغريدات تحمل كل ما يمكن أن يباع، فبعيداً عن منزل تحلم بشرائه أو سيارة تتمنى أن تكون بحالة جيدة، تجد عرضاً لتأجير العاملات المنزليات أو ماكينة «كابتشينو» إيطالية أو آلاف أرقام الجوالات المميزة، بل وحتى كروت شحن الهواتف مسبقة الدفع وأشياء أخرى لا مساحة لذكرها سوى عبر حسابات «التحريج». وإن ولدت هذه الحسابات من مواقع إلكترونية خصصت للتحريج، إلا أنها وجدت في «تويتر» بيئة خصبة أقوى من أصلها الإلكتروني. يقول المسوّق العقاري فهد العثمان: «إن تسويق العقار في حسابات التحريج في تويتر يعتبر الطريق الأمثل، خصوصاً في الحسابات صاحبة المتابعة العالية»، وذكر أنه من خلال تجربته الشخصية خرج بأن أي «رتويت» إعلاني من حساب يحوي 100 ألف متابع غالباً ما تكون حصيلته نحو 10 زبائن. ويبدو أن سرعة التسويق ترتبط بنوعية المنتج المسوق، إذ ذكر بائع الأسقف والسواتر أحمد السوادي أنه لم يجد إقبالاً كبيراً، مبرراً ذلك بأنه في حاجة إلى وقت أكثر، معبراً عن سعادته جراء سرعة تجاوب حساب «التحريج» مع تغريدته الإعلانية التي وجهها للحساب. في حين أكد المسوّق الإلكتروني نايف الربع من خلال خمسة أعوام قضاها بين مواقع وحسابات التسويق، أن أبرز ما يميز بعض مواقع «التحريج» هو تنظيمها وتقسيماتها وتفاصيلها، إذ يمكن البحث عن كل ما تحتاجه بسهولة ويسر. إضافة إلى خاصية الوصول للمشتري الأفضل، فمن خلال تجربة بيع وشراء سيارة في أحد مواقع «التحريج» توصل إلى أن البيع عادة ما يكون للمشتري المستهلك بعيداً عن المستثمرين الذين وصفهم ب «الشريطية» في الواقع: «إن التحريج الإلكتروني حدّ من احتكار الشريطية لسوق السيارات، إذ إن السيارة الجيدة تباع بسعرها الحقيقي بعد الاطلاع على صورها ومواصفاتها والكشف الأخير عليها قبل البيع». وأوضح الربع أن بعض مواقع «التحريج» كسبت ثقة مستخدميها وباتت مصدر ضمان للبائع والمشتري تدار من خلالها عملية البيع، إذ يودع المبلغ في حسابها في انتظار نقل الملكية لصاحب المبلغ حتى يعطى للبائع. ويضيف أن هذه المواقع عادة ما تراوح نسبة ربحها بين 1 و5 في المئة من عمليات البيع، وتترك ل «ذمة» البائع والمشتري من دون جعلها بشكل قانوني، إذ إن اهتمامها الأكبر هو زيادة عدد عمليات المستخدمين وعمليات البيع للاستفادة من هذه النسب واستقطاب إعلانات تجارية للموقع. وربما أن هذا الإقبال الكبير على «التحريج الإلكتروني» هو ما دفع الشاب فهد الوهيبي لإنشاء موقعه الخاص، إذ يرى «أنها تجارة لا تحتاج إلى دراسة جدوى لأنها حاجة طبيعية تختصر المسافات من دون الحاجة لعبء الواقع». ورسم الوهيبي خطة عمل ل «حراجه» الإلكتروني، إذ إنه سيبدأ بتسويق المنتجات عبر مواقع التواصل الاجتماعي مدة يعتقد أنها قرابة العام، مستغلاً هذه الفترة بإضافة تحسينات وتطوير الموقع الذي سينقل مستخدميه إليه في حال كسب ثقتهم التي ستجذب المعلن التجاري، إضافة إلى نسب عمليات البيع التي ستبقى ب «الذمة».