(أ) عندما تنفق الأسر السعودية مبلغ 96.2 مليار ريال على السياحة الخارجية في العام الماضي، منها 42 مليار ريال على وسائل الترفيه المتعددة من سينما ومسرح ودور للفنون ومهرجانات ومراكز للتسوق، فلا يمكن المزايدة على انغلاق هذا الشعب وعطشه للترفيه. الأرقام دائماً ما تأتي لتأكد أن الإنسان السعودي ليس هو الإنسان الذي رسمه البعض في مخيلتنا جميعاً، شخص منغلق، ذو خصوصية، لا يفقه في التسلية عن نفسه -كما تصورنا به بعض القنوات التلفازية التي ترفع راية الدين الذي يفهمه رؤساء مجالسها- إلا من خلال مسابقات شد الحبل واللعاب (تلي ماتش) وسؤال المشعوذين عن كيفية إخراج الجن والسحر والحسد، وأفضل العلاجات العشبية لجعل (ركب) السيدات بيضاء. في مجتمع سيطر عليه فكر الأقلية -التي تدافع حالياً باستماتة عن آخر معاقلها- لأجيال، نجحت هيئة الترفيه في بذر فكرة أن السعودي إنسان طبيعي داخل وطنه وخارجه، لا يعاني من أي حالة ازدواج شخصية أو فصام (شيزوفرينيا)، فهو يطرب ويبتسم ويتذوق الفن وتأسره لوحة فنية وتتراقص أصابعه عند سماعه جملة طربية أصيلة، أو موسيقى، ويقهقه عند سماعه طرفة في مسرحية أو عمل تمثيلي. هذا هو الإنسان السعودي الحقيقي الذي تتجاذبه الدول لينفق فيها على سعادته (دون تفريط في دينه)، نعم لقد نجحت هيئة الترفيه بقوة القرار السياسي وعدم الالتفات للخلف أو الخوف في كسر (تابلوه) السعودي المتجهم، الذي لا يعي مفهوم الجمال. 3 آلاف فعالية في 22 مدينة سعودية ستنفذها (الترفيه) خلال هذا العام ستزرع في مجتمعنا أملاً جديداً في أن نكون أكثر إنسانية وأكثر طبيعية في تعاملاتنا الحياتية. (ب) الغناء والطرب دون فحش واختلاط، سياقة المرأة، دور العرض (السينما)، المسارح، الفنون التشكيلية بأنواعها، جميعها كانت تحت مجهر اجتهاد فقهائنا. وعند اختلاف علماء الفقه المعتبرين من حقك الأخذ بما تراه (أنت) مناسباً، وفي الوقت نفسه لست ملزماً بإجبار الآخرين على تبني وجهة نظر (شيخك) الاجتهادية.