عصام خليفة يعلق الوطن والمواطنون آمالاً كبيرة على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، التي صدر الأمر الكريم بإنشائها وإعطائها صلاحيات كبيرة في الحد من الفساد والتعدي على المال العام، ويأتي إنشاؤها ضمن منظومة الإصلاح التي يقودها خادم الحرمين الشريفين، والتي ستساهم في تعزيز النزاهة ورفع كفاءة أداء الأجهزة الحكومية.ويعد الفساد الإداري من أكبر المعوقات أمام الإصلاح الإداري والتنمية الشاملة، فلا يمكن تحقيق الإصلاح الإداري من دون وضع آليات للحد من هذا الفساد. ولعل أكبر شاهد على الفساد الإداري، هو تدني مستوى الخدمات، والبيروقراطية الإدارية التي تشهدها معظم الأجهزة الحكومية، وضعف مستوى تنفيذ المشاريع التي كلفت الدولة مئات المليارات من الريالات. ولعل أوجه الفساد الإداري والمالي تشمل كل الأفعال المخالفة للقوانين والنظم الإدارية والمالية، بهدف تحقيق منافع شخصية، أو مصالح خاصة، على حساب المصلحة العامة.وهناك الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى الفساد الإداري منها: عدم تطبيق نظام المساءلة والشفافية بشكل دقيق في جميع أجهزة الدولة، وضعف الوازع الديني والأخلاقي، والقصور الإعلامي في توعية الناس بأضرار وأشكال الفساد الإداري، ومحدودية الصلاحيات الممنوحة لأجهزة الرقابة الداخلية في الوزارات والمصالح الحكومية والمؤسسات العامة، وتغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة.ومن أكثر أنماط الفساد الإداري شيوعاً:أخذ العمولات والرشاوي مقابل إنجاز المعاملات وتوقيع العقود، وعدم تطبيق المعايير بدقة في تنفيذ المشاريع، والمحاباة والمحسوبية في التعينات الوظيفية دون مراعاة لمعايير الكفاءة، وضعف الالتزام بساعات الدوام، وانتشار السرقات للأموال والموجودات العامة، واستخدام الأجهزة والمعدات العائدة للإدارة لإنجاز المصالح الشخصية، والتحيز والمحاباة لجماعات وأفراد من دون وجه حق، وإخفاء أو إتلاف الوثائق أو الأدلة التي تدين أو تكشف المخالفين للقانون. ومن أهم المعوقات التي تحول من دون اكتشاف حالات الفساد الإداري: تمتع المفسدين بالذكاء والتمرس، وضعف أجهزة الرقابة الإدارية والمالية، وعدم الدقة في تطبيق الأنظمة، وتوفر التقنية الحديثة لمرتكبي جرائم الفساد الإداري، وارتفاع تكاليف مكافحة الفساد الإداري مقارنة بما يتم فقدانه، وعدم تحديد المسؤولية بشكل دقيق. لهذا من المتوقع أن تواجه الهيئة تحديات كبيرة، تتصل بمهامها كجهة ملزمة بالرقابة على مؤسسات الدولة، مما يقتضي منها أن تبذل جهوداً كبيرة في كشف حالات الفساد الإداري، وعليها أن تمارس كافة الصلاحيات الممنوحة لها، بآليات وأساليب عمل جديدة، بعيداً عن البيروقراطية، وأن تتعامل بحزم مع كل حالات الفساد في كافة القطاعات، دون أي استثناء لأي كائن من كان كما ورد ذلك في الأمر الملكي الكريم.