أعتقد أن «جحا الشهير» هو شخصية خرافية الوجود، وكان الهدف القديم من اختراعه هو أن ينسب إليه أي نقد للحاكم هربا من العقاب، وهو نفس الأمر بالنسبة لاختراع «خيال الظل»، حيث كان البطل يقول للبطلة ما لا يستطيع الرجل قوله لزوجته في المنزل، وكان الحوار غالبا ما يصل إلى ضرب الزوج علقة ساخنة بالعصا لزوجته أمام الأطفال المتفرجين؛ ليفش غليله من زوجته الحقيقية التي كثيرا ما تسأله عند مغادرة البيت: رايح فين يا منيّل! ومثلما كان الحال بالنسبة ل»جحا الشهير» وعروض «خيال الظل» كانت حدوتة «بينوكيو» التي تعلمناها في كتب أطفال المدارس الأجنبية، حيث تعلمنا أن «بينوكيو» هذا كان طفلا كذابا، يطول أنفه مع كل كذبة جديدة، إلا أن تلك الكتب لم تقل لنا شيئا عن الطول الذي بلغه أنف «بينوكيو» في نهاية المطاف، غير أن كلا منا كان يتحسس أنفه عند رده على مدرس الفصل متسائلا عن عدم أداء الواجب المنزلي: «أصل كان عندي أنفلونزا، أو أبويا كان عيان خالص، أو بيتنا وقع وقضينا الليلة في البلدية»، وكنا نعتبرها «كذبات بيضاء» تتناسب مع «غلاسة الأستاذ» مع علمنا المسبق بأن الكذب كذب، وليس له ألوان! ومن حواديت جحا الشهيرة أنه ذهب يوما إلى السوق لشراء «حمار»، فقابله في الطريق صديقه الذي سأله «علي فين يا جحا»! ليرد «أشتري حمارا من السوق»، فنصحه صديقه: قل «إن شاء الله» يا جحا، ليرد جحا: «وإن شاء الله ليه؟، الفلوس في جيبي، والحمير ماليه السوق الذي انصرف إليه جحا ليشتري الحمار، وفي طريق عودته «بغير الحمار» التقى بنفس الصديق الذي سأله: فين الحمار يا جحا! فرد عليه: «إن شاء الله» الفلوس اتسرقت!