قبل عدة سنوات وصلتني رسالة تفيد بأن وزارة الخارجية السعودية تنوي استقطاب خريجي العلوم السياسية والإعلام ضمن كوادرها، وأن هناك عروضاً للتوظيف في سفارات مختلفة حول العالم. لا أدري إذا كان العرض مغرياً، إلا أنني لم أتقدم بطلب للتوظيف في ذلك الوقت، لظروف شخصية أهمها أنني فضلت العمل صحفية فضلاً عن نيتي البدء في دراسة الدكتوراة هنا في فرنسا. ربما كنت محقة في خياري، هذا ما خطر ببالي وأنا أقرأ ذاك الجدل الذي أثير قبل أيام، حول عدم كفاءة الدبلوماسيين السعوديين، وعن الحاجة إلى إعادة تأهيلهم. قد لا ننكر هذا الكلام، إذا تناولنا آلية التعيين «الموظفين» في بعض السفارات، ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال التعميم على شباب دبلوماسي تخرج في أهم جامعات العالم ووصفه بعدم الكفاءة. وحتى لا أتهم هنا بالمبالغة، دعوني أضرب مثلاً بدبلوماسي شاب يعمل في سفارتنا في باريس، و شخصياً أرى أنه من الدبلوماسيين السعوديين الذين برعوا في الإمساك بزمام الشؤون الإعلامية في السفارة، وأصبح خلال فترة قصيرة مرجعاً لوسائل الإعلام الفرنسية كمصدر رئيس للتواصل من أجل معلومات صحفية أو الحصول على تأشيرات إعلامية لدخول المملكة. هل تصدقون أن هذا الشاب ذا العقلية البراغماتية والذي يجيد التحدث بثلاث لغات لم يظهر حتى الآن على أية وسيلة إعلامية في فرنسا، وذلك بسبب الأنظمة المتبعة من قبل الوزارة. الأمر نفسه ينطبق على دبلوماسيات سعوديات يعملن في السفارة ويتكلمن اللغة الفرنسية منذ نعومة أظفارهن بحكم الولادة والدراسة، والحاجة لهن تبلغ ذروتها عندما يتم تناول ملف المرأة السعودية مثلاً، فلا نجد منهن من تستطيع تلبية الدعوة قبل العبور بسلسلة من الإجراءات التي قد تنتهي غالبيتها بالرفض، والأمر ينطبق على المؤتمرات واللقاءات والندوات أيضاً. كيف يمكن للدبلوماسي السعودي أن يتطور ونحن لا نمنحه الفرصة للتطور؟ ولا نرمي به في بحر الحياة الدبلوماسية ليتعلم السباحة ونطلب منه في المقابل الوقوف على الشاطئ للتعلم؟ الدبلوماسية ليست مجرد نظريات وبرامج بل هي عالم متكامل من الخبرات المتراكمة لن نكتسبها إلا بخوض غمارها دون خوف أو تردد، وكلي أمل في معالي الوزير عادل الجبير أحداث التغيير الجذري الذي نطمح إليه.