المخ البشري من أكثر أعضاء جسم الإنسان تعقيداً، فهو يتحكم في جميع أجهزة الجسم إما عن طريق الإمدادات العصبية أو عن طريق مواد كيميائية وهرمونات تُفرَز من مختلف أجزائه. يتكون المخ من فصين كرويين كبيرين يتحكم كل منهما في النصف المقابل للجسم ويتصل كل منهما بجذع المخ الذي يتحكم في الوظائف الحيوية مثل وظائف القلب والتنفس والوعي، ويتصل جذع المخ من الخلف بالمخيخ الذي ينظم التنسيق العضلي والحركي والتوازن والكلام. أورام المخ تشبه أورام الجسم المختلفة، إما تكون أورام أولية أو أورام ثانوية، الأورام الأولية التي تنشأ من أنسجة المخ نفسه داخل الجمجمة وتقسَّم حسب منشئها إلى: – أورام تنشأ من النسيج العصبي أو الخلايا العصبية. – أورام تنشأ من الخلايا الدبقية، السحانية، الأوعية الدموية، الغدد المخية، أو أورام تنشأ من خلايا جنينية كامنة موجودة في المخ. أما الأورام الثانوية فهي التي تغزو المخ من أماكن أخرى من الجسم مثل الرئة، والثدي والعظام. المخ نسيج رخو موجود داخل تجويف عظمي محكم وهو الجمجمة التي يكتمل نموها خلال السنين الأولى من عمر الإنسان. عند حدوث ورم في المخ يشغل هذا الورم جزءاً داخل الجمجمة ويضغط على مراكز المخ المختلفة مسبباً فقداناً في وظيفة هذه المراكز، وبزيادة حجم الورم يزداد الضغط ويفقد المخ الوظيفة تدريجيّاً، وتختلف العلامات والأعراض حسب مكان وجود الورم في المخ. لا يوجد سبب معروف لحدوث أورام المخ، ولكن هناك بعض عوامل الخطورة التي قد تكون مرتبطة بحدوث أورام المخ ومنها: – التعرض للإشعاع الذي قد يكون علاجاً لبعض الأورام الأخرى في الجسم. – الإصابة ببعض الفيروسات مثل (EPSTEIN-BAR VIRUS) الذي قد يتسبب في نمو بعض أورام المخ خاصةً عند حدوث خلل في مناعة الجسم. – بعض الأمراض المناعية مثل مرض نقص المناعة المكتسبة (AIDS) الذي قد يتسبب في نمو بعض الأورام اللمفاوية في المخ. – بعض الأمراض الوراثية المرتبطة بحدوث خلل في بعض الجينات التي قد ينشأ عنها أورام في الجهاز العصبي عامة مثل حالة Neurofibromatosis II. – هناك بعض العوامل التي نتعرض لها بشكل يومي لم يثبت ارتباطها بحدوث أورام المخ مثل: «استخدام الجوال – التدخين- إصابات الرأس – العلاج بالهرمونات وغيرها». تختلف الأعراض من مريض لآخر حسب: نوع الورم «كونه حميداً أو خبيثاً»، حجم الورم، مكان وجوده في المخ «حيث يترتب على مكان وجوده في المخ أعراض مرتبطة بحدوث خلل في وظيفة هذا الجزء»، زمن تطور ونمو الورم «حيث تزداد الخطورة مع سرعة نمو الورم». وهناك أعراض عامة لأي ورم في المخ وأعراض خاصة حسب وجود الورم كما يلي: – الصداع الذي يتميز بزيادة شدته أثناء فترات النوم خاصة في ساعات الصباح الأولى وأحياناً ما يكون مصحوباً بغثيان أو قيء تزداد حدته تدريجيّاً بزيادة حجم الورم، كما يتميز الورم بتغير نمط الصداع الذي يعاني منه المريض من قبل من حيث الوصف والشدة. – زغللة في العينين وضعف في قوة الإبصار وعدم إتضاح الرؤية التي تضعف تدريجيّاً مع ظهور بعض العلامات في العين مثل «حول أو رأرأة العين». – أحياناً ما يشعر المريض بعدم اتزان وبطنين في الأذنين وضعف تدريجي في السمع ونوبات شديدة من الدوار قد تكون مصحوبةً بنوبات آلام في المعدة وغثيان وقيء شديد وهزال وضعف عام في الجسم. – ينتاب المريض في كثير من الأحيان نوبات صرع شديدة «تشنجات»، ويتميز هذا الصرع بكونه ظاهرة جديدة بدأ يعاني منها المريض وتعد هذه علامة أساسية خاصة في مرضى كبار السن حين يحدث له الصرع، فلا بد من التوجه لطبيب الأعصاب في الحال لعمل الفحص اللازم. – هناك بعض العلامات وأعراض الورم خاصة بأجزاء المخ المختلفة؛ فأحياناً ما يشكو المريض من ضعف في أحد الأطراف أو جانب الجسم، كما يشكو من نوبات شديدة من الأحاسيس الغريبة كالتنميل والوخز وخلافه عندما يوجد الورم في الفص الجداري والأمامي للمخ. – أحياناً أيضاً ما يشكو المريض أو يلاحظ عليه اختلال في السلوك ونوبات من الهذيان وعدم التركيز والنسيان المستمر واختلال المزاج وعدم انتظام النوم أو العزلة الاجتماعية وفقدان القدرة على التواصل وأخذ القرارات عندما يوجد الورم في الفص الأمامي. – وقد يشكو المريض من فقدان جزء في مجال البصر أو ضعف الإبصار في اتجاه معين عندما يرتبط الورم بالفص الخلفي للمخ. – قد يلاحظ على المريض عدم اتزان في المشي أو الحركة، وصعوبة في الكلام أو صعوبة في البلع وضعف في الجسم عندما يوجد الورم في المخيخ أو جذع المخ. تتمثل مشكلة الطفل في عدم قدرته على التعبير أو الشكوى كالكبار، ولكن هناك بعض العلامات والأعراض التي لابد من أخذها بعين الاعتبار عند بداية شكوى الطفل ومنها: – شكوى الطفل من صداع؛ ولابد أن تؤخذ هذه الشكوى بعين الاعتبار والتوجه للطبيب المختص للفحص خاصةً إذا كان الصداع مصاحباً بغثيان أو قيء أو خلل في الحركة أو الوعي. – حدوث نوبات صرع «تشنجات» للطفل خاصة إذا لم يكن يعاني منها من قبل. – ظهور ضعف مفاجئ في أحد الأطراف. – الشكوى المتكررة من الطفل في الدراسة بعدم التركيز أو النوم خلال ساعات الصباح أو عدم الإتزان أو تدني مستوي الذكاء أو تغير السلوك العام للطفل أو ضعف في النظر. – ظهور بعض علامات البلوغ المبكر لدى الطفل يحدث في بعض أورام الغدة النخامية أو الأورام المجاورة لها. – الطفل حديث الولادة قد يحدث له كبر في حجم الرأس غير طبيعي مع قيء مستمر وصراخ وتمدد في الأوردة تحت فروة الرأس وظهور علامات في العين مثل «الحول». يعتمد التشخيص على التحليل الدقيق للتاريخ المرضي لكل مريض والفحص السريري الشامل، كما يعتمد على بعض الفحوصات مثل تحاليل الهرمونات ودلالات الأورام، وفحص قاع العين ومجال الإبصار، ويختلف الفحص من مريض لآخر. – يعدُّ التطور السريع في مجال تصوير المخ من الثورات العلمية لتشخيص أورام المخ مثل: الأشعة المقطعية بالكمبيوتر والرنين المغناطيسي الذي تطور بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، ليشمل الرنين الطيفي والرنين الوظيفي، حتى التصوير داخل غرف العمليات بدأ تطبيقه حالياً لتحديد أبعاد الورم أثناء استئصاله جراحيّاً. تختلف طرق علاج أورام المخ حسب نوع كل ورم من حيث كونه حميداً أو خبيثاً، ومن حيث مكان وجوده في المخ وقربه من مراكز حساسة في المخ، وعلى حالة المريض العامة وعلى درجة الورم كونه في مرحلة أولية أو مرحلة متقدمة، وهل الورم مصحوب بأعراض زيادة حادة في ضغط المخ ناتج عن انسداد السائل النخاعي أم لا؟. تتعدد الطرق الجراحية بداية من الجراحة الدقيقة ثم بالميكروسكوب الجراحي حتى منظار المخ حسب ما تتطلبه حالة كل مريض. – يأتي العلاج الإشعاعي لأورام المخ كمرحلة تكميلية للجراحة أو كمرحلة علاج أولي في بعض الأروام. – في أحيان أخرى يتطلب الأمر استكمال العلاج باستخدام العلاج الكيميائي لقتل الخلايا السرطانية الذي تتحدد جرعته حسب نوع الورم وحالة المريض. – في الغالب تُفاجِئ أورام المخ المريض ويأتي في مرحلة متقدمة من المرض مهملاً شكواه في بداية الأمر، ولذا ينصح أي مريض أو مرافقيه عند ملاحظة الأعراض التي ذكرت من قبل مثل: الصداع الشديد، القيء المستمر، التشنجات، ضعف في أحد الأطراف، اختلال النظر، فقدان الاتزان، خلل في الكلام، اختلال في السلوك أو فقدان التواصل وغيرها من الأعراض، فإن عليه فوراً استشارة طبيب الأعصاب لعمل ما يلزم. أيضاً يجب عدم التعرض للإشعاع والمواد الخطرة وتجنب التعامل مع المواد الكيماوية السامة مثل: الفورمالين وخلافه، الإقلال من التدخين أو التوقف عنه، تجنب النوم بجوار الجوالات، انتظام ساعات النوم واليقظة، الغذاء الصحي، ممارسة الرياضة، البعد عن التوتر الذهني والإكثار من شرب الماء والبعد عن الأطعمة ذات النكهات الصناعية. يعد مستشفى محمد الدوسري من المستشفيات الرائدة في توعية المرضى بضرورة الكشف المبكر عن أورام المخ لما لديه من برامج توعوية ومحاضرات للجمهور، ووسائل كشف مبكر مثل الأشعة المقطعية ووسائل فحص قاع العين، كما يعدُّ قسم جراحة المخ والأعصاب من الأقسام الرائدة في المستشفى لما لديه من خبرة وباع طويل في علاج حالات الأورام عن طريق التدخل الجراحي والمتابعة للحالات بعد العمليات الجراحية تحت إشراف الدكتور: محمد كشك «استشاري جراحة المخ والأعصاب». هذا ويتمنى لكم المستشفى دوام الصحة والعافية، ونلقاكم في أفضل صحة وعافية في المقال المقبل..