بين غسق الدجى ورياح الشتاء قبيل الشروق بسويعات، وقت نهوض الضمير وضياع العقل الواعي بين الظلام ليُنير محله العقل الباطن صاحب المشاعر والأفعال اللا إرادية. هذا الوقت تحديدا، أتساءل عن حال ضمير من ألقى بوالدته في دار المسنين بعد استشارة حكيمة من زوجة لئيمة.. نعم، أقصد ذاك المقطع المرئي الذي انتشر كدخان حريق في غابة تملؤها الأغصان! المقطع الذي سمعت أنينه ولم أرَه خوفا على قلبي من التوقف لفعلةِ رجلٍ ليس برجل ولا حتى امرأة ولا متحول ولا مزدوج الجنس! هو فقط روح شيطانية تسكن جسداً بشرياً! حملته أمه وكبرته ليشتد عضده فيحملها بيديه إلى دار المسنين بعذر أنها عجوزٌ مريضة! رباه.. أنقذ البشر من أفعالهم!! سمعت بأن لك يا ربي تسعاً وتسعين رحمة، وواحدة أخرى في الدنيا! أسألك برحمتك الأخيرة أيحق لقدميه أن تلامس أبواب الجنة الطاهرة؟ كم أنت رحيم يا إلهي فقد تغفر ذنبه! أما أنا، فلو رأيت ذاك الشيطان البشري لقطعته بأنيابي حتى أقدم لحمه لمن انتشلت اللحم والخبز مِن «فيها» لتضعه في «فِي» ابنها الصغير! وكبر ذاك الصغير وألقى بلحمها بعيدا، ورحل ممسكا بيد زوجته بين تحسبات وأدعية الأم عليه! أيقنت حينها بأن ضميره في غيبوبة لن يفيق منها إلا بصعقة منك يا الله.