نعاني كثيراً من «زعابيب أمشير» التي لا نعمل لها حساباً طوال العام، لنفاجأ بها – كل مرة – وكأننا نعيشها للمرة الأولى. وهو ما نفعله «كل رمضان» عندما نفاجأ بالرؤية تقول لنا إنه سوف يبدأ غداً، مع أننا قضينا أيامه السابقة في المشتريات اللازمة له، لنصطنع من الحالتين دهشة تعودناها، لدرجة أنك عندما تبلغ صديقاً ب»خبر» هو صانعه، تفاجأ بقوله: معقول؟! والله ما كنت عارف، ومن أشهر علامات أمشير – بالإضافة لترابه الذي يملأ الجو – غزارة الأمطار وإن كانت متقطعة، وصوت رياحه الليلية التي تقتحم غرف النوم رغم غلق النوافذ، ويترتب على ذلك إغلاق كل الموانئ أمام المراكب، ومعها يُغلق المرور لصعوبة الرؤية في الطرق الطوالي. ومن فضل الله أن أيام أمشير لا تزيد على شهر، تعقبها بمدة رياح الخماسين التي لا تستمر طويلاً، بعدها يروق الجو، وتصبح الدنيا «ربيع.. والجو بديع»، ليتبقى بعد الإثنين ولعدة سنين، وإن لم يكن لطول العمر، «أمشير البيوت»، صاحب «الزعابيب العائلية»، التي لا يخلو منها بيت مهما كذب ساكنوه، وغالباً ما تكون «الهانم» هي مصدرها – الكلام ده خاص بكم ولا دخل لحرمنا به، وخليكوا جدعان – باعتباره «حديث رجالي × رجالي» لا دخل للهانم به، وإلا ساءت العاقبة، وتحول واقع كل منكم – لا قدر الله – إلى «هباب × هباب». إذاً اتفقنا – دون أن نتفق – على أن كل واحد فينا له «أمشير» الخاص الذي يستمر معه من الشهر التالي ليوم الزفاف الميمون إلى لحظة «شكر الله سعيكم، والله المرحوم كان طيب.. وأمير». وقد حدث مرة أن التقيت بصديق لي وحرمه، لأسأله: إزاي الحال؟ ليقول إن حياته عبارة عن «سمن وعسل»، لأسمع همس زوجته: «عسل إسود.. ومنيّل»!