شدَّد المؤتمر الإسلامي لوزراء الإعلام لدول منظمة التعاون الإسلامي على أهمية التصدي للحملة الشرسة التي تُشن على الدين الإسلامي والجاليات المسلمة، لاسيما ما يتعلق بظاهرة «الإسلاموفوبيا»، مؤكدين أن معالجة ظاهرة «الإسلاموفوبيا» تنطلق من أهمية تبيان حقيقة الدين الإسلامي السمح بطريقة مدروسة وفعالة أمام المتلقي الأجنبي. جاء ذلك في ختام أعمال الدورة ال11 لوزراء الإعلام لدول منظمة التعاون الإسلامي الذي عُقد في قصر المؤتمرات بجدة أمس برئاسة وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي، وبحضور الأمين العام للمنظمة الدكتور يوسف العثيمين. وطالب المؤتمر الذي عُقد تحت عنوان «الإعلام المتجدد في مواجهة الإرهاب والإسلاموفوبيا»، بأهمية التعاون ما بين الدول الأعضاء في تطوير الآليات الإعلامية لمحاربة ظاهرة الإرهاب، منددين بكل مظاهر العنف والتطرف والغلو والإرهاب التي تشوه الرسائل النبيلة للثقافات الإنسانية. وأشاد الوزراء بالدور المتميز لوسائل الإعلام في البلدان الإسلامية في فضح العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وحثها على الاستمرار في إبراز الكفاح المشروع للشعب الفلسطيني ونصرته، حتى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، داعين إلى الالتزام بدعم كل الجهود المبذولة من أجل تحقيق الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني، والامتناع عن أي سلوك إعلامي من شأنه إذكاء الخلافات والانقسامات من صفوفه. وأكد المؤتمر على أهمية دور الإعلام القائم على المبادئ الإسلامية، والخطاب المعتدل في المواجهة الحازمة والناجحة للحملات الإعلامية، التي تسعى إلى المس بالمقدسات الإسلامية، وإشاعة الكراهية والتمييز ضد المسلمين والخلط بين الإسلام دين السلام والرحمة، وبين ظاهرة العنف والإرهاب، ورفضها رفضاً باتاً وإدانتها بشدة، داعياً إلى جعل الإعلام في الدول الأعضاء إعلاماً يخدم الحقيقة، معبراً عن هموم وانشغالات مواطني الدول الأعضاء، والتحلي بأقصى قدر من المهنية والموضوعية، في نقل الوقائع والأحداث والتعاطي مع القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في ظل احترام مبادئ التعددية والتنوع في الرأي، والنهج المتواصل للانفتاح على العصر مع الالتزام بثوابت الأمة، وحرص دائم على ممارسة واسعة للحرية بروح عالية من المسؤولية. واستنكر الوزراء العمل الإجرامي لميليشيا الحوثي ومن يقف وراءها من إطلاق صاروخ بالستي تجاه مكةالمكرمة، مهبط الوحي وقبلة المسلمين، الذي تصدت له قوات الدفاع الجوي في المملكة ودمرته قبل وصوله دون أضرار، وعدوه عملاً إجرامياً، وانتهاكاً صارخاً لمشاعر المسلمين واستهانة بمقدساتهم، وتعديّاً على سيادة المملكة، مؤكدين في ذات السياق على ما ورد في البيان الختامي للاجتماع الطارئ لوزراء خارجية دول المنظمة في اجتماعهم الذي عُقد بمكةالمكرمة في شهر صفر 1438ه، الذي طالب بوقفة جماعية ضد هذا الاعتداء الآثم ومن يقف وراءه، ويدعم مرتكبيه بالسلاح بوصفه شريكاً ثابتاً في الاعتداء على مقدسات العالم الإسلامي، وطرفاً واضحاً في زرع الفتنة الطائفية، وداعماً أساساً للإرهاب. وثمَّن الوزراء ما تضطلع به منظمة التعاون الإسلامي من جهود في سبيل النهوض برسالة الإسلام وتعزيز الحوار بين الثقافة الإسلامية وثقافات العالم، سائلين الله تعالى أن يوفق الأمة الإسلامية إلى ما فيه صلاح أمرها لتستأنف حضورها الفاعل في مسيرة التقدم والتطور والازدهار، ولتستكمل إسهامها الذي يليق بإرثها في الحضارة الإنسانية. وكان وزير الثقافة والإعلام أكد في كلمته بمستهل المؤتمر، أن الأزمات التي يمر بها عالمنا الإسلامي تستدعي تضافر الجهود ووحدة الصف تحقيقاً لتطلعات شعوبنا وما فيه الخير لها، وأن يجري العمل على إصدار ميثاق إعلامي إسلامي يختص بمكافحة ظاهرتي الإرهاب والإسلاموفوبيا، خاصة في ظل اختطاف عدد من وسائل الإعلام التقليدي والحديث من قِبل الإرهاب وداعميه. مشيراً إلى أن المؤتمر يعقد في ظروف إقليمية ودولية مهمة تلقي بظلالها على العالم الإسلامي كما هو حاصل في أزمات يمر بها إخواننا في سوريا والعراق وغيرها. وقال: مما لا شك فيه أننا نعاني اليوم وأكثر من أي وقت مضى من تنامي ظاهرة الإرهاب، وهي الظاهرة التي استفحلت مستغلة ما تعانيه منطقة الشرق الأوسط من أزمات، أدت إلى اختطاف عدد من وسائل الإعلام التقليدي والحديث من قِبل الإرهاب وداعميه، مؤكداً أن المملكة تعد من أوائل الدول التي تعرضت لآفة الإرهاب من خلال أكثر من 100 عملية، منها 18 عملية نفذتها عناصر مرتبطة تنظيمياً بجهات حكومية خارجية، كما تم إحباط 268 عملية قبل وقوعها. ولفت الانتباه إلى أن المملكة عملت كذلك على إبرام عديد من الاتفاقيات الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب، منها معاهدة منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي في 1 يوليو عام 1999م. وقال الوزير إنه وإيماناً من المملكة بأهمية هذا الموضوع، فقد تقدم وفدها بمشروع قرار بشأن دور الإعلام في مكافحة الإرهاب لاقى استحسان ودعم الدول الأعضاء في المنظمة، حيث دعا مشروع القرار الدول الأعضاء إلى إدانة وتجريم وسائل الإعلام التي تروج وتحرض على الإرهاب، وينبغي لنا البناء على ذلك ووضع آليات محددة بضرورة تنسيق السياسات الإعلامية بين مختلف وسائل الإعلام في دول المنظمة، فيما يتعلق بقضايا مكافحة الإرهاب وتطوير التشريعات الإعلامية المنظمة لعمل القنوات الفضائية والمؤسسات الإعلامية لهذه الدول وتقييم مواقفها والعمل على وقف القنوات الفضائية والمؤسسات الإعلامية الداعمة للجماعات الإرهابية عبر آليات نظامية وقانونية واضحة. وأضاف: كما يتوجب علينا تقديم الدعم والتشجيع المادي والمهني للقنوات الفضائية والمؤسسات الإعلامية التي تحارب الإرهاب وتسعى لتوحيد الشعوب ودعم الإعلام الواعي القادر على تنوير المجتمع ومحاربة الإرهاب وفكره التكفيري. ومضى قائلاً: يواجه أشقاؤنا في اليمن أزمة نتجت عن محاولة اختطاف ميليشيا الحوثي والقوات الموالية لها لليمن الشقيق عبر انقلاب على الشرعية يعاني اليمن الشقيق ويلاته إلى يومنا هذا، ومما لا شك فيه أن الإرادة الدولية قد أكدت مراراً وتكراراً لنا جميعاً أنه لا مفر ولا منجى إلا أن ينصاع الحوثيون وأتباعهم من المنقلبين على الشرعية إلى إرادة الشعب اليمني ولو بعد حين. وأشار إلى أنه في هذا الوقت تنامت الحملات الإعلامية المسيئة للإسلام ولمقدساته مما يتطلب من جميع الدول والمنظمات والهيئات بذل مزيد من الجهود وتوفير الإمكانات البشرية والمادية وترشيدها لتقليص الفجوة الرقمية بين دولنا والعالم المتقدم والانخراط بشكل فاعل في مجتمع المعلومات والتصدي للإعلام المغرض وتقديم الصورة الحقيقية للإسلام وللحضارة الإسلامية. من جهته، أكد الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أن شعار هذه الدورة يستدعي النظر بتمعن في دور الإعلام المتجدد وتطبيقاته وأثره الفاعل في الإسهام بالتصدي لظاهرتي الإرهاب والإسلاموفوبيا اللتين أضرَّتا بالعالم الإسلامي وبالتعايش السلمي لشعوب العالم، وفي مواجهة هاتين الآفتين. وقال إن الجماعات الإرهابية تستخدم جميع الوسائل الإعلامية المتاحة في نشر الفكر المتطرف والخطاب المضلل والأطروحات المتشددة، كما تسعى إلى استقطاب الشباب والشابات والتغرير بهم للانضمام إلى تنظيماتهم الإرهابية، أو الانضمام للعناصر المساعدة التي توفر لهم الدعم اللوجستي. وهنا يأتي دور وسائل الإعلام في التصدي لهذا الفكر الإرهابي من خلال استخدام ذات الوسائل الإعلامية، ونفس وسائط التواصل الاجتماعي، التي تستخدمها الجماعات الإرهابية.