البطالة هي وصف للذين يعيشون دون عمل، نتيجة لعدم وجود فرص شاغرة أو لعدم كفاءتهم لما هو متاح من الوظائف، وحين الحديث عن مصطلح (وظيفة شاغرة) فإنَّ المعنى يتجاوز لأي وظيفة يشغرها غير المواطن، ذلك أنَّ الأصل هو أنَّ العمل حق للمواطن كما نصت المادة الثالثة من نظام العمل السعودي، وحينذاك يكون الأجنبي الذي يعمل في البلاد على وظيفة يوجد من المواطنين من يستطيع القيام بها مستحوذاً على حق من حقوقهم، حل مشكلة البطالة يمثل هدفا لأي دولة، فالبطالة في حقيقتها خطر يهدد الاستقرار والأمن، من هنا فإنَّ البحث في التجارب الناجحة يقودنا أحياناً لاكتشاف كثير من الحلول التي تغنينا عن القيام بتجارب قد تكون نتيجتها على عكس المأمول. نظام العمل الأمريكي وفيما يختص بعملية توطين الوظائف يُلزم الشركات الباحثة عن موظفين بالإعلان عن ذلك أولاً في جهة إعلامية رسمية، وحينما يتعسر الحصول على مواطن أمريكي يبحث عن عمل وتنطبق عليه شروط الوظيفة حينذاك فقط يحق للشركة توظيف الأجنبي، أتساءل هنا عمَّا إذا كان هناك سبب يمنع استنساخ هذه التجربة لدينا في المملكة؟!، بالرجوع إلى نظام العمل السعودي في مادته السادسة والعشرين نجده ينص على نقطتين مهمتين: أولاً: على جميع المنشآت في مختلف أنشطتها، وأياً كان عدد العاملين فيها، العمل على استقطاب السعوديين وتوظيفهم، وتوفير وسائل استمرارهم في العمل، وإتاحة الفرصة المناسبة لهم لإثبات صلاحيتهم للعمل، عن طريق توجيههم وتدريبهم وتأهيلهم للأعمال الموكلة إليهم. ثانياً: يجب الأ تقل نسب العمال السعوديين الذين يستخدمهم صاحب العمل عن 75% من مجموع عماله، وللوزير في حالة عدم توافر الكفايات الفنية أو المؤهلات الدراسية، أو تعذر إشغال الوظائف بالمواطنين أن يخفض هذه النسبة مؤقتا. هذه المادة تنص بصراحة على أنَّ أولوية التوظيف هي للمواطنين، ولكن القانون لم يقدم آلية عمل تضمن تطبيق هذه المادة كما ينبغي، من هنا وحينما تُسن مواد صريحة بمنع الاستقدام ونقل الكفالات لأي موظف أجنبي إلا بعد التأكد من عدم وجود متقدم سعودي لهذه المهنة وتنطبق عليه الشروط، فإنَّ هذا الأمر سيُسهم بشكل كبير في توفير فرص وظيفية للسعوديين، من جانبٍ آخر فإنَّ نظام العمل السعودي يحدد عقود غير السعوديين بمدة معينة تتجدد تلقائيا ولا يتحول العقد مع التقادم إلى عقد مفتوح، انطلاقاً من ذلك فإنَّ اشتراط وزارة العمل على الشركات عدم تجديد عقود غير السعوديين إلا بعد الإعلان عن الوظائف والتأكد من عدم وجود سعوديين قادرين على أداء العمل بالشكل المطلوب وبالتكلفة المناسبة يمكن له أيضاً الإسهام في إحلال السعوديين مكان غيرهم وتوفير كثير من الفرص الوظيفية لهم. لا يوجد كما أعتقد لدينا في المملكة أي بطالة بمعناها الذي يفترض عدم وجود فرص وظيفية للمواطنين، فوجود ملايين الأجانب في بلدنا يعني وجود ملايين الفرص الوظيفية التي ينبغي أن يكون الأصل في شغرها للمواطنين، التحدي الأهم لوزارة العمل يكمن في إيجاد آليات لإحلال المواطنين في هذه الوظائف، ولا أرى حلاً أكثر بداهة من: اشتراط عدم وجود مواطن سعودي واحد طالب للوظيفة وتنطبق عليه الشروط لتوظيف الأجانب وتجديد عقودهم، حينما يتم ذلك وبرقابة صارمة من وزارة العمل فإنني على يقين أنَّ البطالة في المملكة ستتحول إلى شيء من الماضي ولن نرى مواطنا عاطلاً في بيته كما سننسى عن قريب السعودة الوهمية والتلاعب بالتوطين.