ارتداداته السلبية على أمريكا أولاً.. تسونامي الرسوم يهز الاقتصاد العالمي    السياحة: 154 مليار ريال إنفاق الزائرين    مركز عالمي للشركات والفرص الواعدة.. السعودية تستضيف «معرض التحول الصناعي 2025»    17 ألف طفل فلسطيني في سجل شهداء الإبادة الجماعية    استنكرت وأدانت استهداف الاحتلال للمدنيين العزل.. السعودية تطالب العالم بوضع حدٍ لمأساة الشعب الفلسطيني    في ختام الجولة ال 26 من دوري روشن.. فرق القاع تسعى للهروب من خطر الهبوط    في ثاني جولات كأس آسيا تحت 17 عاماً.. الأخضر يواجه تايلاند لانتزاع الصدارة    في ختام ثاني أيام الجولة 26 من روشن.. الاتحاد يرفض الخسارة أمام الأهلي في ديربي الغربية    إدارات التعليم تطبق الدوام الصيفي في المدارس.. اليوم    1071 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ الجمركية    رقابة على أسواق النفع العام والمسالخ بالباحة    للتعريف بالحِرف الوطنيّة الأصيلة.. إطلاق مبادرة لوحات «وِرث السعودية» على الطرق السريعة    حلوى العيد .. نار وبواريد    ياسمين عبد العزيز تستكمل تصوير فيلم «زوجة رجل»    "يونيسف" تحث إسرائيل على السماح بدخول قوافل المساعدات إلى غزة    الولايات المتحدة تلغي جميع التأشيرات لمواطني جنوب السودان    وزير خارجية بريطانيا: إسرائيل تحتجز اثنين من نواب البرلمان البريطاني    الرياضات الإلكترونية في المملكة.. نمو سريع ومستقبل واعد    "ماتياس يايلسه": صعب علينا تقبل التعادل مع الاتحاد    محمد بن سلمان.. إنسانية عميقة    إعادة ضبط السوق العقاري    ريان طرابزوني ل«الرياض»: مبادرة « بوبا بدون موافقات مسبقة » تحول جذري في الرعاية الصحية    حرس الحدود لمرتادي الشواطئ.. التزموا بإرشادات السلامة    طلاب وطالبات يتجاوزون الإعاقة ب"عالم الصناعة"    رصد 2300 مخالفة على مشروعات «البنية التحتية» بالرياض    في الشباك    لودي: النصر كان الأفضل    الرياض وصناعة الفعاليات    مترو الرياض.. جسر للقلوب    إرثٌ خالد ورمزٌ للأصالة    رجال الأمن.. شكراً لكم من القلب    بلان يكشف سر مشاركة أوناي    كرة ذهبية في قاع المحيط    العثور على بقايا ماموث في النمسا    أسرار في مقبرة توت عنخ آمون    عشريني ينافس العمالة بالتكييف والتبريد    نائب أمير الرياض يعزي زبن بن عمير في وفاة والده    جامعة جدة تبدأ القبول لبرامج الدراسات العليا    مطلقات مكة الأكثر طلبا لنفقة الاستقطاع الشهري    خطيب المسجد الحرام: مواسم الخير لا تنقضي وأعمال البر لا تنقطع    إمام المسجد النبوي: الاستقامة على الطاعات من صفات الموعودين بالجنة    كيف تحمي طفلك من قصر النظر؟    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يعيد زراعة أذن مبتورة بنسبة تزيد على "50"%    مستشفى الرس.. مبادرة مبتكرة لتحسين تجربة المرضى    العيد بين الفرح والقلق    بلدية الدمام تعايد مسؤولو ومرضى مستشفى الملك فهد بالدمام    الفنان التشكيلي سعود القحطاني يشارك في معرض جاليري تجريد 2025    رئيس الوزراء الهندي يعتزم زيارة السعودية    الفنون البصرية تطلق غدًا "أسبوع فن الرياض"    الحرب على المخدرات مستمرة.. ضبط عدد من المروجين بعدد من المناطق    العماد والغاية    الملك وولي العهد يعزيان عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين في وفاة والدته    ودعنا رمضان.. وعيدكم مبارك    مركز 911 يستقبل أكثر من 2.8 مليون مكالمة في مارس الماضي    بلدية محافظة الشماسية تحتفل بعيد الفطر المبارك    وزارة الصحة الأمريكية تبدأ عمليات تسريح موظفيها وسط مخاوف بشأن الصحة العامة    محافظ الطوال يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك في جامع الوزارة ويستقبل المهنئين    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بعيد الفطر    









عولمة الثقافة
نشر في الشرق يوم 15 - 12 - 2016

هل يمكننا أن نتنبأ بالمستقبل الثقافي، كما نتنبأ بالأحوال الجوية؟ وإذا حاولنا استشراف الآتي، فما المجالات الثقافية التي يمكن أن تزدهر، أو تندثر؟ وهل نملك غير توقُّعيَن، لا غير، هما الأصولية الثقافية، والعولمة الثقافية؟وإذا كنا من حزب الوسط فإننا نتوقع مزيجا ثقافيا منهما!
برز في الآونة الأخيرة كُتَّابٌ ومفكرون يتنبأون بقرب اكتساح (الثقافة الأصولية) لمجتمعاتنا العربية، اعتمادا على مجموعة من الاستقراءات السريعة، المتمثلة في الإرهاب الذي تمارسه جماعاتٌ عديدة، تنسب نفسها إلى العقائد الدينية، هؤلاء الكتاب اعتقدوا بأن الجماهير الخائفة، التي تشايع الإرهابيين الأصوليين بلباسها، ونمط حياتها، المفروض عليها، اختارت بمحض إرادتها، هذه الثقافة الأصولية. إن كل نواتج الخوف لا تُسلك ضمن الثقافة، فهي حالة طارئة، تنتهي بانتهاء حالة الخوف والرعب. كما أن ما يُطلق عليه، الثقافة الأصولية، غايتها القصوى، الانتقام والتدمير، لهدف سيادة عنصرٍ واحدٍ، ورأي واحد. تنبأ بعضُ المفكرين بزوال الثقافة العربية، أو بقرب زوالها، وعزوا نبوءتهم إلى غيرتهم على ثقافتهم، واستطلاعهم لما آلت إليه الثقافة في عصرنا هذا، وإلى اضمحلال اللغة العربية، التي هي أداة الثقافة، وأرجعوا نبوءتهم إلى ضعف المستوى التعليمي، وانصراف أهل الثقافة عنها، هؤلاء أيضا لا يختلفون عن الفريق الأول، في أنهم يدفعون النشء للسفر المادي والمعنوي للبلاد الأجنبية، طلبا للثقافة الأجنبية!
هؤلاء المنفرون من ثقافتنا العربية تناسوا بأن الثقافات الأصيلة كالألماس، لا تندثر، وإن اختفت عن الأنظار، فهي تحتاج إلى منقبين أوفياء، قادرين على إزالة شوائبها، وإعادة صياغتها من جديد في قوالب عصرية، قادرة على التحدي، ومزجها بخليط ملائم للعصرفأزمتنا الثقافية هي أزمة مثقِّفين، بكسر القاف.
إن عملاء العولمة من العرب يستشعرون كيف أزالت العولمة من التراث الأوروبي كلَّ الحشو، وألبست ثقافتها لباس العصر، وعجنت من دقيق قدماء مفكريها طعاما سائغا لأبنائها، وأبناء أبنائها في شكل موسوعات كمبيوترية جذابة، ففتحوا شهية أبنائهم نحو تراثهم، أما نحن المثقفين فاكتفينا بأن نقف على أطلال تراثنا نندب حالنا. من جهةٍ أخرى، شرع كثير من مثقفينا في قراءة كف الثقافة، وكتابة الأحجبة والوصفات الطبية، هروبا من عجزهم في مجال الإبداع الثقافي.
أمام ثقافتنا العربية طريقان، إما أن تخضع صاغرة للنظام العولمي، وتصبح ثقافة مُهجَّنة، تؤشِّر فقط إلى أزياء منتجيها، ومواقعهم الجغرافية، خالية مما يبعث على الفكر والإبداع، وهذا يُشير إلى بداية ظهور المثقف القشري العربي، ويكون الشبه بينه وبين المثقف الحقيقي كالشبه بين القرد والإنسان. وإما أن يلجأ المثقفُ العربي إلى الثقافة التقليدية، وهؤلاء سيستفيدون من الخلخلة النفسية، الناتجة عن العولمة، التي تؤثر بشكل مباشر في النشء العربي.
أعتقد بأن نصف قرن آخر سيمر دون أن نتمكن من صياغة مستقبل ثقافي عربي، فالمستقبل الثقافي يُقاس بمقدار استخلاص العسل من التراث، وهذا لا يُنجز إلا بجهودٍ من مؤسسات ثقافية كبرى، تتولى غربلة التراث، وتحليله وفق عصره، ثم استخلاص عسله وتعبئته في جرعات جذّابة ومركزة، تلائم عصر العولمة. يعود سببُ تشاؤمي هذا إلى متابعتي للبرامج التعليمية المدرسية والأكاديمية، فهي قاصرة، ومنفِّرة، إن أنظمة التعليم هي البذورُ الرئيسة لإنتاج شجرة الثقافة العربية، وإن إثمارها يعتمد على الجهد المبذول في رعايتها، واختيار الفسائل المناسبة الصالحة لطبيعة الأرض والمناخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.